٩٥ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
ولئن أمهل الظّالم فلن يفوت أخذه (١) وهو له بالمرصاد على مجاز طريقه ، وبموضع الشّجى من مساغ ريقه (٢) أما والّذى نفسى بيده ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ، ليس لأنّهم أولى بالحقّ منكم ، ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم وإبطائكم عن حقّى. ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، وأصبحت أخاف ظلم رعيّتى : استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تسمعوا ، ودعوتكم سرّا وجهرا فلم تستجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا. أشهود كغيّاب (٣) وعبيد كأرباب؟؟!! أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها ، وأحثّكم على جهاد أهل البغى فما آتى على آخر القول حتّى أراكم متفرّقين أيادى سبا (٤) ترجعون إلى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم ، أقوّمكم غدوة وترجعون إلىّ عشيّة كظهر الحيّة (٥) عجز المقوّم ، وأعضل المقوّم (٦).
__________________
(١) لا يذهب عنه أن يأخذه
(٢) الشجى : ما يعترض فى الحلق من عظم وغيره ، ومساغ الريق : ممره من الحلق ، والكلام تمثيل لقرب السطوة الالهية من الظالمين.
(٣) شهود : جمع شاهد ، بمعنى الحاضر ، وغياب : جمع غائب
(٤) قالوا : إن سبا هو أبو عرب اليمن ، كان له عشرة أولاد : جعل منهم ستة يمينا له ، وأربعة شمالا : تشبيها لهم باليدين ، ثم تفرق أولئك الأولاد أشد التفرق
(٥) أراد القوس لأنه معوج
(٦) أعضل : استعصى ، واستعصب ، وأعيا