ولا ينقض برأيه ما قد أبرم لكم. إنّه ليس على الإمام إلاّ ما حمّل من أمر ربّه ، إلاّ البلاغ فى الموعظة ، والاجتهاد فى النّصيحة ، والإحياء للسّنّة ، وإقامة الحدود على مستحقّيها ، وإصدار السّهمان على أهلها (١) : فبادروا العلم من قبل تصويح نبته (٢) ومن قبل أن تشغلوا بأنفسكم عن مستنار العلم من عند أهله (٣) وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه ، فإنّما أمرتم بالنّهى بعد التّناهى.
١٠٤ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
الحمد للّه الّذى شرع الإسلام فسهّل شرائعه لمن ورده ، وأعزّ أركانه على من غالبه فجعله أمنا لمن علقه (٤) وسلما لمن دخله (٥) وبرهانا لمن تكلّم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، ونورا لمن استضاء به ، وفهما لمن عقل ، ولبّا لمن تدبّر ،
__________________
لكم الجهالات والأهواء من الحاجات يلزمكم أن تنصرفوا عن خيالها ، ولا تشكوها إلى ، فانى لا أتبع أهواءكم ، ولا أقضى هذه الرغبات الفاسدة ، ولا أستطيع أن أنقض برأيى ما أبرم لكم فى الشريعة الغراء
(١) السهمان ـ بالضم ـ : جمع سهم ، بمعنى الحظ والنصيب ، وإصدار السهمان : إعادتها إلى أهلها المستحقين لها لا ينقصهم منها شيئا. وسماه إصدارا لأنها كانت منعت أربابها بالظلم فى بعض الأزمان ثم ردت إليهم ، كالصدور وهو رجوع الشاربة من الماء إلى أعطانها
(٢) التصويح : التجفيف ، أى : سابقوا إلى العلم وهو فى غضارته ، قبل أن يجف فلا تستطيعوا إحياءه بعد يبسه
(٣) مستثار : اسم مفعول بمعنى المصدر ، والاستنارة : طلب النور ، وهو السطوع والظهور
(٤) علقه ـ كعلمه ـ : تعلق به
(٥) من دخله لا يحارب