الثّائر فى دمائنا كالحاكم فى حقّ نفسه (١) ، وهو اللّه الّذى لا يعجزه من طلب ولا يفوته من هرب. فأقسم باللّه يا بنى أميّة عمّا قليل لتعرفنّها فى أيدى غيركم وفى دار عدوّكم. الاّ وإنّ أبصر الأبصار ما نفذ فى الخير طرفه ، ألا إنّ أسمع الأسماع ما وعى التّذكير وقبله. أيّها النّاس ، استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متّعظ ، وامتاحوا من صفو عين قد روّقت من الكدر (٢) عباد اللّه ، لا تركنوا إلى جهالتكم ، ولا تنقادوا إلى أهوائكم ، فإنّ النّازل بهذا المنزل (٣) نازل بشفا جرف هار ، ينقل الرّدى على ظهره من موضع إلى موضع (٤) لرأى يحدثه بعد رأى ، يريد أن يلصق ما لا يلتصق ، ويقرّب ما لا يتقارب ، فاللّه اللّه أن تشكوا إلى من لا يشكى شجوكم (٥).
__________________
(١) الطالب بدمائنا ينال ثأره حتما ، كأنه هو القاضى بنفسه لنفسه ، ليس هناك من يحكم عليه فيمانعه عن حقه
(٢) امتاحوا : استقوا ، وانزعوا الماء لرى عطشكم ، من عين صافية صفيت من الكدر ، وهى عين علومه عليه السلام
(٣) منزل الركون إلى الجهالة والانقياد للهوى ، وشفا الشىء : حرفه ، والجرف ـ بضمتين ـ : ما تجرفته السيول ، وأكلته من الأرض ، والهارى كالهائر : المتهدم ، أو المشرف على الانهدام ، أى : إنه بمكان التهور فى الهلكة
(٤) أى : إنّه إذا نقل حمل المهلكات فانما ينقله من موضع من ظهره إلى موضع آخر منه ، فهو حامل لها دائما ، وانما يتعب فى نقلها من أعلاه لوسطه وأسفله بآرائه وبدعه ، فهو فى كل رأى يتنقل من ضلالة إلى ضلالة ، حيث إن مبنى الكل على الجهالة والهوى
(٥) يقال «أشكاه» إذا أزال مشكاه ، والشجو : الحاجة ، يقول : إن ما تسوله