إليها أعمته. قال الشريف : أقول : وإذا تامل المتأمل قوله عليه السّلام «من أبصر بها بصرته» وجد تحته من المعنى العجيب والغرض البعيد ما لا تبلغ غايته ولا يدرك غوره ، ولا سيما إذا قرن إليه قوله «ومن أبصر إليها أعمته» ، فإنه يجد الفرق بين «أبصر بها» و «أبصر إليها» واضحا نيرا وعجيبا باهرا
٨١ ـ ومن خطبة له عجيبة
الحمد للّه الّذى علا بحوله (١) ، ودنا بطوله (٢) ، مانح كلّ غنيمة وفضل ، وكاشف كلّ عظيمة وأزل (٣) أحمده على عواطف كرمه ، وسوابغ نعمه (٤) ، وأومن به أوّلا باديا (٥) ، وأستهديه قريبا هاديا ، وأستعينه قادرا قاهرا ،
__________________
(١) «علا بحوله» أى : عز وارتفع عن جميع ما سواه ، لقوته المستعلية بسلطة الايجاد على كل قوة
(٢) «دنا بطوله» أى : إنه مع علوه ، سبحانه ، وارتفاعه فى عظمته فقد دنا وقرب من خلقه بطوله ، أى : عطائه وإحسانه
(٣) الأزل ـ بالفتح ـ الضيق والشدة ، وكاشف الشدة : المنقذ منها ، كما أن مانح الغنيمة : معطيها المتفضل بها
(٤) العواطف : ما يعطفك على غيرك ، ويدنيه من معروفك. وصفة الكرم فى الجناب الالهى ، وخلقه فى البشر ، مما يعطف الكريم على موضع الاحسان وسوابغ النعم : كواملها ، من سبغ الظل : إذا عم وشمل
(٥) أولا باديا : موضعه من سابقه كموضع «قريبا هاديا» وما جاء به بعده من سوابقها ، فهى أحوال من الضمائر الراجعة إلى اللّه سبحانه وتعالى ، فيكون «أول» صفة نصبت على الحال من ضمير به ، أى : أصدق باللّه حال كونه سابق كل شىء فى الوجود ، فهو البادى :