وأتوكّل عليه كافيا ناصرا ، وأشهد أنّ محمّدا ـ صلّى اللّه عليه وآله ـ عبده ورسوله ، أرسله لإنفاذ أمره ، وإنهاء عذره (١) وتقديم نذره (٢). أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه الّذى ضرب الأمثال (٣) ، ووقّت لكم الآجال ، وألبسكم الرّياش ، وأرفغ لكم المعاش ، وأحاطكم بالإحصاء ، وأرصد لكم الجزاء ، وآثركم بالنّعم السّوابغ ، والرّفد الرّوافغ ، وأنذركم بالحجج البوالغ ، وأحصاكم عددا ، ووظّف لكم مددا ، فى قرار خبرة ، ودار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ،
__________________
أى الظاهر بذاته المظهر لغيره ، ومن كان كذلك لم تخالط التصديق به ريبة. والقريب الهادى جدير بأن تطلب منه الهداية ، والقادر القاهر حقيق بأن يستعان به ، لأنه قوى على المعونة ، والكافى الناصر حرى بأن يتوكل عليه
(١) إنهاء عذره : إبلاغه ، والعذر هنا : كناية عن الحجج العقلية والنقلية التى أقيمت ببعثة النبى صلّى اللّه عليه وسلم على أن من خالف شريعة اللّه استحق العقاب ، ومن جرى عليها استحق جزيل الثواب
(٢) النذر : جمع نذير ، أى : الأخبار الالهية المنذرة بالعقاب على سوء الأعمال أو هو مفرد بمعنى الانذار
(٣) ضرب الأمثال : جاء بها فى الكلام ، لايضاح الحجج ، وتقريرها فى الأذهان ، و «وقت الآجال» جعلها فى أوقات محدودة لا متقدم عنها ولا متأخر ، والرياش : ما ظهر من اللباس ، ووجه النعمة فيه أنه ساتر للعورة واق من الحر والبرد. وقد يراد بالرياش الخصب والغنى ، فيكون «ألبسكم» على المجاز و «أرفغ لكم» أى : أوسع ، يقال : رفغ عيشه ـ بالضم ـ رفاغة ، أى : اتسع ، و «أحاطكم بالاحصاء» أى : جعل إحصاء أعمالكم والعلم بها عملا كالسور : لا تنفذون منه ولا تتعدونه ، ولا تشذ عنه شاذة و «أرصد لكم الجزاء» أعده لكم فلا محيص عنه ، والرفد : جمع رفدة ـ ككسرة وكسر ـ وهى : العطية ، والروافغ : الواسعة والحجج البوالغ : الظاهرة البينة ، و «وظف لكم مددا» أى : قدر لكم ، والمدد : جمع مدة ، أى : عين لكم أزمنة تحيون فيها «فى قرار خبرة» أى : فى دار ابتلاء واختبار (٩ ـ ن ـ ج ـ ١) وهى دار الدنيا ، وفيها الاعتبار والاتعاظ ، والحساب عليها ، أى : على ما يؤتى من خير وشر