الآخرة. ألا وإنّ الدّنيا قد ولّت حذّاء (١) فلم يبق منها إلاّ صبابة (٢) كصبابة الإناء اصطبّها صابّها ، ألا وإنّ الآخرة قد أقبلت ولكلّ منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا أبناء الدّنيا فإنّ كلّ ولد سيلحق بأمّه يوم القيامة ، وإنّ اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل. قال الشريف : أقول : الحذاء. السريعة ، ومن الناس من يرويه جذاء (٣)
٤٣ ـ ومن كلام له عليه السّلام
وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد للحرب بعد إرساله جرير ابن عبد اللّه البجلى إلى معاوية
إنّ استعدادى لحرب أهل الشّام وجرير عندهم إغلاق للشّام ، وصرف لأهله عن خير إن أرادوه. ولكن قد وقّتّ لجرير وقتا لا يقيم بعده إلاّ مخدوعا أو عاصيا. والرّأى عندى مع الأناة فأرودوا ولا أكره لكم الإعداد (٤)
__________________
التدارك فى الأوقات المقبلة ، وهذا من أقبح الصفات ، أما قوة الأمل فى نجاح الأعمال الصالحة ، ثقة باللّه ويقينا بعونه ، فهى حياة كل فضيلة ، وسائقة لكل مجد ، والمحرومون منها آيسون من رحمة اللّه ، تحسبهم أحياء وهم أموات لا يشعرون.
(١) الحذاء ـ بالتشديد ـ الماضية السريعة
(٢) الصبابة ـ بالضم ـ البقية من الماء واللبن فى الاناء. و «اصطبها صابها» كقولك : أبقاها مبقيها ، أو تركها تاركها
(٣) جذاء ـ بالجيم ـ أى : مقطوع خيرها ودرها
(٤) يقول أمير المؤمنين إنه أرسل جريرا ليخابر معاوية وأهل الشام فى البيعة له ، والدخول فى طاعته ، ولم ينقطع الأمل منهم ، فاستعداده للحرب ، وجمعه الجيوش ، وسوقها إلى أرضهم ، إغلاق لأبواب السلم على أهل الشام ، وصرف لهم عن الخير إن كانوا يريدونه