محمّد صلّى اللّه عليه وآله من هذه الأمّة أحد ، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا : هم أساس الدّين ، وعماد اليقين : إليهم يفىء الغالى ، وبهم يلحق التّالى (١) ولهم خصائص حقّ الولاية ، وفيهم الوصيّة والوراثة ، الآن إذ رجع الحقّ إلى أهله (٢) ونقل إلى منتقله
٣ ـ ومن خطبة له وهى المعروفة بالشقشقية (٣)
أما واللّه لقد تقمّصها فلان (٤) وإنّه ليعلم أنّ محلّى منها محلّ القطب من الرّحى : ينحدر عنّى السّيل (٥) ولا يرقى إلىّ الطّير ، فسدلت دونها ثوبا (٦) ،
__________________
هذا الثبور ، وهو الهلاك
(١) يريد أن سيرتهم صراط الدين المستقيم : فمن غلا فى دينه وتجاوز بالافراط حدود الجادة فانما نجاته بالرجوع إلى سيرة آل النبى وتفىء ظلال أعلامهم. وقوله «وبهم يلحق التالى» يقصد به أن المقصر فى عمله المتباطئ فى سيره الذى أصبح وقد سبقه السابقون إنما يتسنى له الخلاص بالنهوض ليلحق بآل النبى ويحذو حذوهم
(٢) «الآن» ظرف متعلق برجع ، و «إذ» زائدة للتوكيد ، سوغ ذلك ابن هشام فى نقله عن أبى عبيدة. أو أن «إذ» للتحقيق بمعنى قد ، كما نقله بعض النحاة
(٣) لقوله فيها : «إنها شقشقة هدرت ثم قرت» كما يأتى
(٤) الضمير يرجع إلى الخلافة ، وفلان كناية عن الخليفة الأول أبى بكر رضى اللّه عنه
(٥) تمثيل لسمو قدره كرم اللّه وجهه وقربه من مهبط الوحى ، وأن ما يصل إلى غيره من فيض الفضل فانما يتدفق من حوضه ثم ينحدر عن مقامه العالى فيصيب منه من شاء اللّه. وعلى ذلك قوله «ولا يرقى الخ» ، غير أن الثانية أبلغ من الأولى فى الدلالة على الرفعة
(٦) فسدلت الخ : كناية عن غض نظره عنها ، وسدل الثوب : أرخاه. وطوى عنها كشحا : مال عنها ، وهو مثل ، لأن من جاع فقد طوى كشحه ، ومن شبع فقد ملأه. فهو قد جاع عن الخلافة ، أى : لم يلتقمها