نصره لا يستطيع أن يقول : خذله من أنا خير منه ، ومن خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير منّى (١) وأنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الأثرة وجزعتم فأسأتم الجزع (٢) وللّه حكم واقع فى المستأثر والجازع.
٣١ ـ ومن كلام له عليه السّلام
لابن العباس لما أرسله إلى الزبير يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل (٣)
لا تلقينّ طلحة فإنّك إن تلقه تجده كالثّور عاقصا قرنه (٤) يركب الصّعب ويقول : هو الذّلول. ولكن الق الزّبير فإنّه ألين عريكة (٥) فقل له : يقول لك
__________________
(١) أى : أن الذين نصروه ليسوا بأفضل من الذين خذلوه ، لهذا لا يستطيع ناصره أن يقول : إنى خير من الذى خذله ، ولا يستطيع خاذله أن يقول : إن الناصر خير منى ، يريد أن القلوب متفقة على أن ناصريه لم يكونوا فى شىء من الخير الذى يفضلون به على خاذليه
(٢) أى : أنه استبد عليكم فأساء الاستبداد ، وكان عليه أن يخفف منه حتى لا يزعجكم ، وجزعتم لاستبداده فأسأتم الجزع ، أى : لم ترفقوا فى جزعكم ، ولم تقفوا عند الحد الأولى بكم. وكان عليكم أن تقتصروا على الشكوى ولا تذهبوا فى الاساءة إلى حد القتل. وللّه حكمه فى المستأثر وهو عثمان ، وفى الجازع وهو أنتم : فاما آخذه وآخذكم ، أو عفا عنه وعفا عنكم ، والأثرة ـ بفتحات ـ الاسم من قولهم «استأثر بالشىء» إذا استبد به وخص نفسه به.
(٣) «يستفيئه» أى : يسترجعه.
(٤) ويروى «إن تلقه تلفه» الأولى بالقاف والثانية بالفاء من «ألفاه يلفيه» ، وهى بمعنى تجده. و «عاقصا قرنه» من «عقص الشعر» إذا ضفره وفتله ولواه ، وهو تمثيل له فى تغطرسه وكبره وعدم انقياده و «يركب الصعب» يستهين به ويزعم أنه ذلول سهل
(٥) العريكة : الطبيعة ، وعرفه بالحجاز : أطاعه فيه حيث عقد له البيعة. وأنكره