عباد اللّه ، إنّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربّه ، وإنّ أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه ، والمغبون من غبن نفسه (١) والمغبوط من سلم له دينه (٢) والسّعيد من وعظ بغيره ، والشّقىّ من انخدع لهواه. واعلموا أنّ يسير الرّياء شرك (٣) ، ومجالسة أهل الهوى منساة للإيمان (٤) ومحضرة للشّيطان. جانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان ، الصّادق على شرف منجاة وكرامة ، والكاذب على شفا مهواة ومهانة ، ولا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب ، ولا تباغضوا فإنّها الحالقة (٥) واعلموا أنّ الأمل يسهى العقل ، وينسى الذّكر (٦) فأكذبوا الأمل فإنّه غرور ، وصاحبه مغرور.
٨٥ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
عباد اللّه ، إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللّه على نفسه فاستشعر
__________________
(١) المغبون : المخدوع
(٢) والمغبوط : المستحق لتطلع النفوس إليه ، والرغبة فى نيل مثل نعمته
(٣) الرياء : أن تعمل ليراك الناس ، وقلبك غير راغب فيه
(٤) «منساة للايمان» : موضع لنسيانه ، وداعية الذهول عنه ، و «محضرة للشيطان» : مكان لحضوره ، وداع له
(٥) «فانها» أى : المباغضة «الحالقة» أى الماحية لكل خير وبركة.
(٦) الأمل الذى يذهل العقل وينسى ذكر اللّه وأوامره ونواهيه : هو استقرار النفس على ما وصلت إليه غير ناظرة إلى تغير الأحوال ، ولا آخذة بالحزم فى الأعمال