٣٩ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
منيت بمن لا يطيع إذا أمرت (١) ولا يجيب إذا دعوت ، لا أبا لكم ما تنتظرون بنصركم ربّكم؟ أما دين يجمعكم ولا حميّة تحمشكم (٢) أقوم فيكم مستصرخا ، وأناديكم متغوّثا ، فلا تسمعون لى قولا ، ولا تطيعون لى أمرا ، حتّى تكشّف الأمور عن عواقب المساءة (٣) فما يدرك بكم ثار ، ولا يبلغ بكم مرام ، دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ ، وتثاقلتم تثاقل النّضو الأدبر (٤) ، ثمّ خرج إلىّ منكم جنيد متذائب ضعيف (كأنّما يساقون إلى الموت وهم ينظرون (٥) قال الشريف : أقول. قوله عليه السّلام : «متذائب» أى : مضطرب ، من قولهم تذاءبت الريح ، اى : اضطرب هبوبها. ومنه يسمى الذئب ذئبا ، لاضطراب مشيته.
__________________
(١) منيت : بليت.
(٢) حمشه ـ كنصره ـ جمعه ، وحمش القوم : ساقهم بغضب. أو من أحمسه : بمعنى أغضبه ، أى : تغضبكم على أعدائكم ، والمستصرخ : المستنصر ، و «متغوثا» أى قائلا «وا غوثاه»
(٣) تكشف : مضارع حذف زائده ، والأصل تتكشف ، أى أنكم لا تزالون تخالفوننى وتخذلوننى حتى تنجلى الأمور والأحوال عن العواقب التى تسوءنا ولا تسرنا
(٤) الجرجرة : صوت يردده البعير فى حنجرته ، والأسر : المصاب بداء السرور ، وهو مرض فى الكركرة ينشأ من الدبرة. والنضو : المهزول من الابل والأدبر : المدبور ، أى : المجروح المصاب بالدبرة ـ بالتحريك ـ وهى العقر والجرح من القتب ونحوه
(٥) وهذا الكلام خطب به أمير المؤمنين فى غارة النعمان بن بشير الأنصارى على عين النمر من أعمال أمير المؤمنين ، وعليها إذ ذاك من قبله