كالزّارع بغير أرضه (١) فإن أقل يقولوا : حرص على الملك ، وإن أسكت يقولوا : جزع من الموت (٢) هيهات بعد اللّتيا والّتى (٣) واللّه لابن أبى طالب آنس بالموت من الطّفل بثدى أمّه ، بل اندمجت على مكنون علم لو تحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية فى الطّوىّ البعيدة (٤)
٦ ـ ومن كلام له لما أشير عليه بأن لا يتبع طلحة والزبير
ولا يرصد لهما القتال (٥)
واللّه لا أكون كالضّبع : تنام على طول اللّدم (٦) ، حتّى يصل إليها طالبها ،
__________________
(١) يشير إلى أن ذلك لم يكن الوقت الذى يسوغ فيه طلب الأمر ، فلو نهض إليه كان كمجتنى الثمرة قبل إيناعها ونضجها ، وهو لا ينتفع بما جنى ، كما أن الزارع فى غير أرضه لا ينتفع بما زرع
(٢) إن تكلم بطلب الخلافة رماه من لا يعرف حقيقة قصده بالحرص على السلطان ، وإن سكت ـ وهم يعلمونه أهلا للخلافة ـ يرمونه بالجزع من الموت فى طلب حقه
(٣) أى : بعد ظن من يرمينى بالجزع بعد ما ركبت الشدائد وقاسيت المخاطر صغيرها وكبيرها ، قيل : إن رجلا تزوج بقصيرة سيئة الخلق فشقى بعشرتها ، ثم طلقها وتزوج أخرى طويلة ، فكان شقاؤه بها أشد ، فطلقها ، وقال : لا أتزوج بعد اللتيا والتى ، يشير بالأولى إلى الصغيرة وبالثانية إلى الكبيرة ، فصارت مثلا فى الشدائد والمصاعب صغيرها وكبيرها. وقوله «هيهات الخ» : نفى لما عساهم يظنون من جزعه من الموت عند سكوته
(٤) أدمجه : لفه فى ثوب ، فاندمج ، أى : انطويت على علم والتففت عليه ، والأرشية : جمع رشاء ، بمعنى الحبل. والطوى : جمع طوية ، وهى البئر. والبعيدة بمعنى العميقة ، أو هى بفتح الطاء كعلى بمعنى السقاء : ويكون البعيدة نعتا سببيا ، أى : البعيدة مقرها من البئر : أو نسبة البعد إليها فى العبارة مجاز عقلى
(٥) يرصد : يترقب ، أو هو رباعى من الارصاد بمعنى الاعداد أى : ولا يعد لهما القتال
(٦) اللدم : الضرب بشىء ثقيل يسمع صوته : قال