به : لم يطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، فهو الّذى تشهد له أعلام الوجود ، على إقرار قلب ذى الجحود (١) تعالى اللّه عمّا يقول المشبّهون به ، والجاحدون له ـ علوّا كبيرا.
٥٠ ـ ومن كلام له عليه السّلام
إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللّه ، ويتولّى عليها رجال رجالا (٢) على غير دين اللّه ، فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين ، ولو أنّ الحقّ خلص من الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين (٣) ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث (٤) فيخرجان! فهنالك يستولى الشّيطان على أوليائه ، وينجو الّذين سبقت لهم من اللّه الحسنى.
__________________
وعنايته ، فلا شىء إلا وهو منه ، فأى شىء يبعد عنه؟
(١) إن قلب الجاحد إن انكره فما إنكاره إلا افتعال مما عرض عليه من أثر الفواعل الخارجة عن فطرته وظهور أعلام الوجود فى الدلالة عليه لا يقوى على مدافعة تأثيره قلب الجاحد ، فلا مناص له من الاقرار فى الواقع ، وإن ظهر الجحود فى كلامه وبعض أعماله.
(٢) يستعين عليها رجال برجال
(٣) المرتادين : الطالبين للحقيقة ، أى : لو كان الحق خالصا من ممازجة الباطل ومشابهته لكان ظاهرا لا يخفى على من طلبه
(٤) الضغث ـ بالكسر ـ قبضة من حشيش مختلط فيها الرطب باليابس ، يريد أنه إن أخذ الحق من وجه لم يعدم شبيها له من الباطل يلتبس به ، وإن نظر إلى الباطل لاح كأن عليه صورة الحق فاشتبه به ، فذلك ضغث الحق ، وهذا ضغث الباطل ومصادر الأهواء التى ينشأ عنها وقوع الفتن إنما هى من الالتباس الواقع بين الحق والباطل