على غير بيّنة من ربّكم ، ولا سلطان مبين معكم : قد طوّحت بكم الدّار (١) واحتبلكم المقدار ، وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فأبيتم علىّ إباء المخالفين المنابذين (٢) ، حتّى صرفت رأيى إلى هواكم ، وأنتم معاشر أخفّاء الهام (٣) ، سفهاء الأحلام ولم آت ـ لا أبا لكم ـ بجرا (٤) ، ولا أردت لكم ضرّا.
__________________
الأرض والمراد منها المنخفضات
(١) أى : صرتم فى متاهة ومضلة ، لا يدع الضلال لكم سبيلا إلى مستقر من اليقين ، فأنتم كمن رمت به داره وقذفته. ويقال : «تطاوحت به النوى» أى : ترامت. وقد يكون المعنى أهلكتكم دار الدنيا ، كما اخترناه فى الطبعة الأولى. والمقدار : القدر الالهى ، واحتبلهم : أوقعهم فى حبالته فهم مقيدون للهلاك لا يستطيعون منه خروجا
(٢) نهاهم عن إجابة أهل الشام فى طلب التحكيم بقوله : «إنهم ما رفعوا المصاحف ليرجعوا إلى حكمها ـ إلى آخر ما تقدم فى الخطبة السابقة». وقد خالفوه بقولهم : دعينا إلى كتاب اللّه فنحن أحق بالاجابة اليه ، بل أغلظوا فى القول حتى قال بعضهم : لئن لم تجبهم إلى كتاب اللّه أسلمناك لهم وتخلينا عنك
(٣) الهام : الرأس وخفتها كناية عن قلة العقل
(٤) البجر ـ بالضم ـ : الشر والأمر العظيم والداهية ، وقال الراجز أرمى عليها وهى شىء بجر أى : داهية ويقال «لقيت منه البجارى» وهى الدواهى ، واحدها بجرى مثل قمرى وقمارى