ما أنتم إلاّ كإبل ضلّ رعاتها ، فكلّما جمعت من جانب انتشرت من آخر ، لبئس ـ لعمر اللّه ـ سعر نار الحرب أنتم (١) تكادون ولا تكيدون ، وتنقص أطرافكم فلا تمتعضون (٢) لا ينام عنكم وأنتم فى غفلة ساهون ، غلب واللّه المتخاذلون ، وايم (٣) اللّه إنّى لأظنّ بكم ، أن لو حمس الوغى واستحرّ الموت قد انفرجتم عن ابن أبى طالب انفراج الرّأس (٤). واللّه إنّ امرأ يمكّن عدوّه من نفسه يعرق لحمه (٥) ، ويهشم عظمه ، ويفرى جلده ، لعظيم عجزه ، ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره (٦) أنت فكن ذاك إن شئت (٧) فأمّا
__________________
(١) السعر : أصله مصدر سعر النار ـ من باب نفع ـ أوقدها ، أى : لبئس ما توقد به الحرب أنتم ، ويقال : إن «سعر» جمع ساعر كشرب جمع شارب وركب جمع راكب
(٢) امتعض : غضب
(٣) غلب ـ مبنى للمجهول ـ والمتخاذلون الذين يخذل بعضهم بعضا ولا يتناصرون.
(٤) حمس ـ كفرح ـ اشتد وصلب فى دينه فهو حمس كفرح وحذر ، والوغى : الحرب ، واستحر : بلغ فى النفوس غاية حدته ، وقوله «انفراج الرأس» أى : انفراجا لا التئام بعده ، فان الرأس إذا انفرج عن البدن أو انفرج أحد شقيه عن الآخر لم يعد للالتئام
(٥) يأكل لحمه حتى لا يبقى منه شىء على العظم ، وفراه يفريه : مزقه يمزقه
(٦) ما ضمت عليه الجوانح : هو القلب وما يتبعه من الأوعية الدموية ، والجوانح : الضلوع تحت الترائب ، والترائب : ما يلى الترقوتين من عظم المصدر ، أو ما بين الثديين والترقوتين ، يريد ضعيف القلب
(٧) يمكن أن يكون خطابا عاما لكل من يمكن عدوه من نفسه. ويروى أنه خطاب للأشعث بن قيس عند ما قال له «هلا فعلت فعل ابن عفان» فأجابه بقوله : إن فعل ابن عفان لمخزاة على من لا دين له ، وإن امرا الخ