عرك الأديم (١) وتدوسكم دوس الحصيد (٢) وتستخلص المؤمن من بينكم استخلاص الحبّة البطينة (٣) من بين هزيل الحبّ ، أين تذهب بكم المذاهب وتتيه بكم الغياهب ، وتخدعكم الكواذب؟؟ ومن أين تؤتون وأنّى تؤفكون؟ فلكلّ أجل كتاب ، ولكلّ غيبة إياب ، فاستمعوه من ربّانيّكم (٤) وأحضروه قلوبكم ، واستيقظوا إن هتف بكم (٥) وليصدق رائد أهله (٦) وليجمع شمله ، وليحضر ذهنه ، فلقد فلق لكم الأمر فلق الخرزة ، وقرفه قرف الصّمغة (٧) فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه ، وركب الجهل مراكبه ، وعظمت الطّاغية ، وقلّت الدّاعية ، وصال الدّهر صيال السّبع العقور ، وهدر فنيق الباطل بعد كظوم (٨) ، وتواخى النّاس على الفجور ، وتهاجروا على الدّين ، وتحابّوا على الكذب ، وتباغضوا على الصّدق فإذا كان ذلك كان الولد غيظا (٩)
__________________
(١) العرك ـ كالنصر ـ شديد الدلك ، وعركه : حكه حتى عفاه ، والأديم : الجلد
(٢) المحصود
(٣) البطينة : السمينة
(٤) الربانى ـ بتشديد الباء ـ المتأله ، العارف باللّه عز وجل
(٥) صاح بكم
(٦) الرائد : من يتقدم القوم ليكشف لهم مواضع الكلأ ، ويتعرف سهولة الوصول إليها من صعوبته وفى المثل : «لا يكذب الرائد أهله» يأمر الهداة والدعاة الذين يتلقون عنه ، ويوصيهم بالصدق فى النصيحة
(٧) «قرف الصمغة» قشرها ، وخص هذا بالذكر لأن الصمغة إذا قشرت لا يبقى لها أثر ، كذا قالوا
(٨) الفنيق : الفحل من الابل و «بعد كظوم» أى : إمساك وسكون
(٩) يغيظ والده لشبوبه على العقوق ويكون المطر قيظا لعدم فائدته ، فان الناس منصرفون عن فوائدهم والانتفاع بما يفيض اللّه عليهم من خير إلى إضرار بعضهم ببعض ، وما أشبه هذه الحال بحال هذا الزمان