ما تشطّرا ضرعيها (١) فصيّرها فى حوزة خشناء يغلظ كلامها (٢) ، ويخشن مسّها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصّعبة (٣) إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم ، فمنى النّاس لعمر اللّه ـ بخبط وشماس (٤) وتلوّن واعتراض ، فصبرت على طول المدّة ، وشدّة المحنة ، حتّى
__________________
(١) لشد ما تشطر ضرعيها : جملة شبه قسمية اعترضت بين المتعاطفين فالفاء فى فصيرها عطف على عقدها. وتشطر مسند إلى ضمير التثنية. وضرعيها تثنية ضرع وهو للحيوانات مثل الثدى للمرأة. قالوا : إن للناقة فى ضرعها شطرين كل خلفين شطر. ويقال : شطر بناقته تشطيرا ، صر خلفيها وترك خلفين. والشطر أيضا : أن تحلب شطرا وتترك شطرا ، فتشطرا أى : أخذ كل منهما شطرا. وسمى شطرى الضرع ضرعين مجازا : وهو ههنا من أبلغ أنواعه حيث إن من ولى الخلافة لا ينال الأمر إلا تاما ، ولا يجوز أن يترك منه لغيره سهما ، فأطلق على تناول الأمر واحدا بعد واحد اسم التشطر والاقتسام ، كأن أحدهما ترك منه شيئا للآخر ، وأطلق على كل شطر اسم الضرع نظرا لحقيقة ما نال كل
(٢) الكلام ـ بالضم ـ الأرض الغليظة وفى نسخة كلمها. وإنما هو بمعنى الجرح كأنه يقول : خشونتها تجرح جرحا غليظا
(٣) الصعبة من الابل : ما ليست بذلول ، وأشنق البعير ، وشنقة : كفه بزمامه حتى ألصق ذفراه (العظم الناتىء خلف الأذن) بقادمة الرحل ، أو رفع رأسه وهو راكبه ، واللام هنا زائدة للتحلية ولتشاكل أسلس. وأسلس : أرخى ، وتقحم : رمى بنفسه فى الفحمة ، أى : الهلكة ، وسيأتى معنى هذه العبارة فى الكتاب ، وراكب الصعبة : إما أن يشنقها فيخرم أنفها ، وإما أن يسلس لها فترمى به فى مهواة تكون فيها هلكته
(٤) منى الناس : ابتلوا وأصيبوا ، والشماس ـ بالكسر ـ إباء ظهر الفرس عن الركوب ، والنفار والخبط : السير على غير جادة. والتلون : التبدل والاعتراض : السير على غير خط مستقيم ، كأنه يسير عرضا فى حال سيره طولا يقال : بعير عرضى ، يعترض فى سيره لأنه لم يتم رياضته ، وفى فلان عرضية ، أى. عجرفة وصعوبة