قطع به (١) ، فهو من لبس الشّبهات فى مثل نسج العنكبوت (٢) : لا يدرى أصاب أم أخطأ : فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب ، جاهل خبّاط جهالات. عاش ركّاب عشوات (٣) لم يعضّ على العلم بضرس قاطع (٤) يذرى الرّوايات إذراء الرّيح الهشيم (٥)
__________________
(١) المبهمات. المشكلات لأنها أبهمت عن البيان ، كالصامت الذى لم يجعل على ما فى نفسه دليلا. ومنه قيل لما لا ينطق من الحيوان بهيمة. والحشو : الزائد الذى لا فائدة فيه. والرث : الخلق البالى ضد الجديد ، أى : أنه يلاقى المبهمات برأى ضعيف لا يصيب من حقيقتها شيئا ، بل هو حشو لا فائدة له فى تبينها ، ثم يزعم بذلك أنه بينها
(٢) الجاهل بالشىء : من ليس على بينة منه فاذا أثبته عرضت له الشبهة فى نفيه وإذا نفاه عرضت له الشبهة فى إثباته. فهو فى ضعف حكمه فى مثل نسخ العنكبوت ضعفا ، ولا بصيرة له فى جوه الخطأ والاصابة فاذا حكم لم يقطع بأنه مصيب أو مخطىء وقد جاء الامام فى تمثيل حاله بأبلغ ما يمكن من التعبير عنه.
(٣) خباط : صيغة مبالغة من خبط الليل إذا سار فيه على غير هدى ، ومنه خبط عشواء. وشبه الجهالات بالظلمات التى يخبط فيها السائر ، وأشار إلى التشبيه بالخبط والعاشى : الأعمى أو ضعيف البصر أو الخابط فى الظلام ، فيكون كالتأكيد لما قبله والعشوات : جمع عشوة مثلثة الأول ، وهى ركوب الأمر على غير هدى.
(٤) من عادة عاجم العود ـ أى : مختبره ليعلم صلابته من لينه ـ أن يعضه فلهذا ضرب المثل فى الخبرة بالعض بضرس قاطع. أى : أنه لم يأخذ العلم اختبارا بل تناوله كما سول الوهم وصور الخيال ، ولم يعرض على محض الخبرة ليتبين أحق هو أم باطل
(٥) الهشيم : ما يبس من النبت وتفتت ، وأذرته الريح إذراء : أطارته ففرقته. ويروى يذرو الروايات كما تذرو الريح الهشيم ، وهى أفصح ، قال اللّه تعالى : «فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ اَلرِّيٰاحُ» وكما أن الريح فى حمل الهشيم وتبديده لا تبالى بتمزيقه واختلال نسقه ، كذلك هذا الجاهل يفعل فى الروايات ما تفعل الريح بالهشيم (٤ ـ ن ـ ج ـ ١)