لأنّ اللّغة أعمّ من ذلك (١) ، يعنى به (٢) : يعرف تمييز السّالم من الغرابة عن غيره ، بمعنى أنّ من تتبّع الكتب المتداولة وأحاط بمعاني المفردات المأنوسة ، علم (٣) أنّ ما عداها ممّا يفتقر إلى تنقير أو تخريج فهو غير سالم من الغرابة (٤) ، وبهذا (٥) تبيّن فساد ما قيل : إنّه ليس في علم متن اللّغة أنّ بعض الألفاظ ممّا يحتاج في معرفته إلى أن يبحث عنه في الكتب المبسوطة في اللّغة
______________________________________________________
وهو غير مقصود في المقام ، لأنّ المقصود من اللّغة هو المعنى الخاصّ ، أي ما تعرف به أوضاع المفردات كما أشار إليه بقوله : «أي معرفة أوضاع المفردات» حيث يكون التّفسير المذكور إشارة إلى أنّ المراد باللّغة هو المعنى بالأخصّ.
(١) أي من المعنى الأخصّ ، لأنّه يطلق على جميع أقسام العلوم العربيّة.
(٢) أي بعلم متن اللّغة ، وبعبارة أخرى يعني بمعرفة أوضاع المفردات ، فيمكن أن يكون جوابا عن سؤال مقدّر ، والتّقدير إنّ ظاهر كلام المصنّف يقتضي أنّ علم متن اللّغة يبيّن فيه أنّ هذا اللّفظ مثل تكأكأتم غريب مع أنّه لم يذكر في اللّغة أصلا.
والجواب : إنّ مراد المصنّف بكون الغرابة تبيّن في متن اللّغة ، إنّ بهذا العلم يعرف السّالم من الغرابة من غيره «بمعنى أنّ من تتبّع الكتب المتداولة» أي المشهورة في اللّغة.
(٣) جواب «من» في قوله «من تتبّع».
(٤) أي ما يفتقر إلى تنقير أي إلى التّتبّع والبحث مثل تكأكأتم أو ما يفتقر إلى تخريج ، أي إلى أن يخرج له وجه بعيد ك «مسرّجا» في قول ابن العجاج ، فهو غير سالم عن الغرابة.
والحاصل إنّ من تتبّع الكتب المتداولة كالصّحاح والقاموس ونحوهما ، وأحاط بمعاني المفردات المأنوسة يعلم أنّ ما عداها ممّا يفتقر إلى بحث وتفتيش لعدم وجوده في المكتب المشهورة ، أو ما يفتقر إلى تخريج ، غريب ، لأنّ الأشياء تعرف بأضدادها.
(٥) أي بما ذكره الشّارح بقوله : «بمعنى أنّ من تتبّع الكتب المتداولة ... تبيّن فساد ما قيل» اعتراضا على المصنّف من أنّه ليس في علم اللّغة من البيان المذكور أثر أصلا ، إذ ما يبيّن فيه هو معاني الألفاظ المفردة ، وأمّا كون بعض الألفاظ يحتاج إلى تفتيش أو تخريج ، فلم يقع ذلك في كتاب من كتب اللّغات.
وجه فساد ما قيل : إنّ المتتبّع في كتب اللّغات بعد ما عرف وأحاط بمعاني المفردات المأنوسة يعلم أنّ ما عداها غير سالم من الغرابة ، إذ الأشياء تعرف بأضدادها.