حال الجنّة (١) لا قوله (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) على ما سبق إلى بعض الأوهام (٢) [غير الكذب لأنّه (٣) قسيمه] أي لأنّ الثّاني قسيم الكذب إذ المعنى (٤) أكذب أم أخبر حال الجنّة ، وقسيم الشّيء يجب أن يكون غيره (٥) [وغير الصّدق لأنّهم لم يعتقدوه] أي لأنّ الكفّار لم يعتقدوا صدقه (٦) فلا يريدون في هذا المقام (٧) الصّدق الّذي هو بمراحل عن اعتقادهم (٨) ولو قال : لأنّهم اعتقدوا عدم صدقه لكان أظهر (٩) ، فمرادهم بكونه خبرا
______________________________________________________
(١) أي مراد الكفّار بالثّاني ، أي الإخبار حال الجنّة ، وهذا التّفسير من الشّارح إشارة إلى جواب عن سؤال مقدّر تقديره أنّ المذكور في الآية أعني قوله تعالى : (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) لا يصحّ توصيفه بالصّدق ولا بالكذب ، لأنّه استفهام ، فيكون إنشاء والإنشاء لا يتّصف بالكذب والصّدق ، فلا معنى لقوله : «إنّ المراد بالثّاني غير الكذب لأنّه قسيمه وغير الصّدق لأنّهم لم يعتقدوه» لأنّ نفي شيء عن شيء متفرّع على صحّة ثبوته له ، وعدم ثبوت الصّدق والكذب لقوله تعالى : (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) لكونه إنشاء ، أظهر من الشّمس.
والجواب : إنّ المراد بقوله : «بالثّاني» هو الإخبار حال الجنّة لا نفس (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) كي يقال إنّه إنشاء ، والإنشاء لا يتّصف بالصدق والكذب ، فمعنى قوله تعالى : (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) أم أخبر حالة كونه به جنّة ، ومن الواضح أنّ ما أخبر به حال الجنّة خبر يصحّ أن يتّصف بالصّدق أو الكذب فيصحّ نفيهما عنه ، كي تتحقّق الواسطة ، أي الخبر الّذي ليس بصدق ولا كذب.
(٢) المتوهّم هو الزّوزني حيث سبق إلى وهمه أنّ المراد «بالثّاني» هو قوله : (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ).
(٣) أي لأنّ الثّاني قسيم الكذب ، أي مقابله وهو ضدّه.
(٤) أي إذ معنى قوله تعالى : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) أكذب أم أخبر حال الجنّة.
(٥) أي غير ذلك الشّيء ، فلا يكون الإخبار حال الجنّة كذبا بمقتضى كونه قسيما للكذب.
(٦) أي صدق خبر النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٧) أي في مقام تكذيبهم للنّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنكارهم عليه.
(٨) أي بعيد عن اعتقادهم بمراحل كثيرة ، فلا يكون مرادهم.
(٩) أي لو قال المصنّف : لأنّهم اعتقدوا عدم صدقه بدل قوله : «لأنّهم لم يعتقدوه» لكان