ولا شكّ في حسنه ، بالنّسبة إلى التّخالف.
بقي الكلام في الجهة الثّالثة فنقول : إنّه قد اختلف البصريّون والكوفيون فيما اشتقّ منه لفظ اسم فذهب البصريّون إلى أنّه مشتقّ من سمو بكسر السّين أو فتحها وسكون الميم بمعنى العلوّ والارتفاع ، وذلك لعلوّه وارتفاعه على كلّ من الفعل والحرف لوقوعه مسندا ومسندا إليه دونهما وحذفت الواو من آخره ، ونقلت حركتها إلى الميم وسكون الميم إلى السّين ، ثمّ اجتلبت في أوله همزه الوصل لتكون عوضا عن الواو ولئلّا يلزم الابتداء بالسّاكن.
واستدلّ على ما ذهب إليه البصريّون بقاعدة أنّ الجمع والتّصغير يردّان الأشياء إلى أصولها وقد جمع الاسم على الأسماء وصغّر على سميّ فلو كان من مادة الوسم بمعنى العلامة كما ذهب إليه الكوفيّون لجمع على الأوسام وصغّر على وسيم.
وذهب الكوفيّون إلى أنّه مشتقّ من وسم بمعنى العلامة فحذفت الواو وعوّضت عنها همزة الوصل لتعذّر الابتداء بالسّاكن.
والحقّ ما ذهب إليه البصريون بدليل الجمع والتّصغير. ولفظ الله مشتقّ من ليه مصدر لاه يليه ، وقيل إنّه جامد ومن يريد التّفصيل فليراجع «المفصّل في شرح المطوّل».
وبقي الكلام في لفظي الرّحمن والرّحيم ، وقد وقع الاختلاف في أنّهما صيغتان مبالغتان أو صفتان مشتبّهتان واستدلّ على الأوّل بما ورد في بعض الأدعية (يا رحمن الدّنيا والآخرة ورحيمهما) حيث إنّهما في هذه الجملة قد أضيفا إلى المفعول والصّفة المشبّهة لازمة دائما فلا بدّ أن تؤخذ من اللّازم.
وفيه : أنّ الإضافة في الجملة المذكورة ليست من الإضافة إلى المفعول بل هي من قبيل الإضافة إلى الزّمان المشتركة بين اللّازم والمتعدّي فلا تختصّ بالمتعدّي.
والحقّ إنّهما صفتان مشبّهتان مشتقّتان من اللّازم وهو رحم أما الرّحمن فواضح إذ لم يعهد في كلام العرب مجيء فعلان للمبالغة وقد جاء بهذا الوزن الصّفة المشبّهة كثيرا كندمان وعطشان ونحوهما ، وأما الرّحيم فلأنّ صيغة المبالغة على وزن فعيل وإن استعملت في كلام العرب كما في ألفية ابن مالك :