[الحمد (١)] هو الثّناء (٢) باللّسان على قصد التّعظيم
______________________________________________________
فعّال أو مفعال أو فعيل |
|
في كثرة عن فاعل بديل |
إلّا أنّهم قد ذكروا أنّ صيغة المبالغة محوّلة عن اسم الفاعل المتعدّي ولم يعهد منهم استعمال الرّحيم متعدّيا ولو في مورد واحد بل يعدّ استعماله كذلك من الأغلاط الواضحة. ثمّ ما ذكرناه ـ من أنّهما صفتان مشبّهتان ـ إنّما هو من حيث المبدأ ، وأمّا من حيث المنتهى فلا بدّ من الفرق بينهما. وملخّص الفرق أنّ كلمة الرّحيم وإن كانت باقية على الوصفيّة بمعنى أنّها صفة مشبّهة من حيث المبدأ والمنتهى. إلّا أنّ كلمة الرّحمن قد نقلت من الوصفيّة إلى الاسميّة فهي من الأعلام بالغلبة لله تعالى من حيث المنتهى. ومن هنا يظهر وجه تقديم كلمة الرّحمن على كلمة الرّحيم حيث يكون الرّحيم صفة للرّحمن ، وتقديم الموصوف على الصّفة لا يحتاج إلى البيان. وقيل : إنّ تقديم الرّحمن على الرّحيم مراعاة للسّجع ثمّ جرّهما على القول ببقائهما على الوصفيّة واضح فإنّهما مجرورتان على أنّهما صفتان لله تعالى. أمّا على القول بنقل الرّحمن عن الوصفيّة إلى الاسميّة فجرّ الرّحمن لكونه بدلا أو عطف بيان للفظة الله والرّحيم صفة للرّحمن.
(١) افتتح كتابه بحمد الله بعد الافتتاح باسمه تعالى اقتداء بالكلام المجيد وهربا عما جاء في السّنة لتاركهما بالوعيد.
(٢) المشهور بينهم أنّ الثّناء هو الذّكر بخير ضد النّثاء وهو الذّكر بشرّ كما أنّه اسم مصدر من أثنيت لا من ثنّيت بمعنى كرّرت.
وهنا قولان آخران :
الأوّل : إنّ الثّناء موضوع للذّكر مطلقا.
الثّاني : إنّه عبارة عن الإتيان بما يشعر بالتّعظيم مطلقا.
وما يظهر من كلامه هو القول الأوّل حيث قيّد الثّناء بقوله : «على قصد التّعظيم» ثمّ فائدة القيد باللّسان على القول الأخير ظاهرة حيث يخرج به الثّناء بغير اللّسان كالثّناء بالجنان والأركان.
وأمّا على القولين الأوّلين فذكر اللّسان إنّما لدفع توهّم المجاز وذلك أنّ الثّناء عليهما