ومعنى التأوّل تطلّب (١) ما يؤول إليه (٢) من الحقيقة أو الموضع الّذي يؤول إليه من العقل (٣) ، وحاصله (٤) أن تنصب قرينة صارفة عن أن يكون الإسناد إلى ما هو له [وله] أي للفعل وهذا إشارة إلى تفصيل وتحقيق للتّعريفين (٥) [ملابسات شتّى] أي مختلفة (٦) ،
______________________________________________________
(١) أي طلب المخاطب حقيقة يرجع ويؤول إليها الإسناد والمراد به هنا أن يكون الإسناد إلى غير ما هو له في الحقيقة مع طلب إسناده إلى ما هو له في الحقيقة وذلك بأن ينصب المتكلّم قرينة دالّة على عدم إرادة الفاعل الحقيقي ووضع غيره في موضعه.
(٢) «من» في قوله : «من الحقيقة» بيانيّة أي طلب الحقيقة الّتي يرجع إليها الإسناد فيما إذا كان له حقيقة.
(٣) قوله : «أو الموضع ...» عطف على «الحقيقة» فالمعنى أي طلب ما يؤول إليه ذلك الإسناد من جهة العقل فيما إذا لم يكن له حقيقة كما في (أقدمني بلدك حقّ لي عليك) فإنّه لا حقيقة لهذا المجاز لعدم الفاعل للإقدام لأنّه موهوم لكن له محلّ من جهة العقل وهو القدوم للحقّ ، فهذا الكلام إشارة إلى أنّ المجاز لا يستلزم الحقيقة عند الشّيخ عبد القاهر ، وسيجيء هذا الكلام في قول المصنّف.
(٤) أي حاصل معنى التّأوّل نصب قرينة صارفة عن الإسناد إلى ما هو له وهو الفاعل الحقيقي ، لا بمعنى أنّ الحقيقة موجودة وصرفت القرينة عنها ، بل بمعنى أنّ ظاهر الكلام مع قطع النّظر عن القرينة يفيد أنّ الإسناد في اللّفظ ثابت لما هو له ، وإذ نظر إلى القرينة يفيد أنّه غير ما هو له.
(٥) أي قول المصنّف حيث قال : له ملابسات شتّى إشارة إلى تعيين وتحقيق لتعريف الحقيقة العقليّة والمجاز العقليّ ، وإنّما اقتصر على الفعل ـ حيث قال : أي الفعل ، مع أنّ الأمثلة الآتية لا تختصّ بالفعل ، بل بعضها للفعل نحو : بنى الأمير المدينة ، وبعضها لمعناه نحو : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ـ لأنّه الأصل ولوضوح الأمر حيث إنّه عطف عليه معناه سابقا.
(٦) هذا التّفسير تفسير باللّازم ، لأنّ معنى الشتت هو التّفرّق ، والاختلاف لازم للتّفرّق ، وكان الأنسب في التّفسير مختلفات بدل مختلفة ، لأنّ تفسير الجمع بالجمع أولى من تفسيره بالمفرد.