(فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) (١) وهذا (٢) أولى بالتّمثيل (و) يستلزم (٣) [أن لا يكون الأمر بالبناء] في قوله تعالى : (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) [لهامان (٤)] لأنّ المراد به (٥) حينئذ هو العملة أنفسهم واللّازم باطل لأنّ (٦) النّداء له والخطاب معه
______________________________________________________
(١) فإنّ التّجارة الّتي هي الفاعل المجازيّ قد أضيفت إلى الضّمير الرّاجع إلى المنافقين ، فلو كان المراد بها أيضا المنافقين للزمت إضافة الشّيء إلى نفسه.
(٢) أي قوله تعالى : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) «أولى بالتّمثيل» ممّا في المتن أعني «نهاره صائم» لأنّه نصّ في الرّدّ على السّكّاكي ، فهو أدفع للجدال والشّغب بخلاف مثال المتن ، لأنّ قوله : «نهاره صائم» ممّا يناقش فيه باحتمال الاستخدام ، فإنّ للنّهار معنيين أحدهما الزّمان المخصوص وهو المعنى الحقيقيّ ، والآخر الصّاحب ، أعني الصّائم ، وهو المعنى المجازيّ ، وقد أريد باسمه الظّاهر المعنى الحقيقيّ ، وبضميره المعنى المجازيّ فحينئذ لا يلزم إضافة الشّيء إلى نفسه ، لأنّ الاستعارة إنّما هي في الضّمير المستتر في صائم لا في نهاره حتّى يلزم إضافة الشّيء إلى نفسه.
(٣) أي يستلزم ما ذهب إليه السّكّاكي.
(٤) خبر لقوله : «أن لا يكون» والظّرف متعلّق بالاستقرار المحذوف لا بالأمر المذكور.
(٥) أي بضمير (ابْنِ) «حينئذ» أي حين جعل الاستعارة بالكناية «هو العملة أنفسهم» ، وحاصل معنى العبارة : إنّ ما ذهب إليه السّكّاكي يستلزم أن لا يكون الأمر بالبناء ثابتا لهامان ، لأنّ المراد بالضّمير في (ابْنِ) هو العملة أنفسهم ، فقوله : «لأنّ المراد به» علّة الاستلزام ، وتقريب الاستعارة بالكناية : أنّه شبّه الفاعل المجازيّ وهو هامان بالفاعل الحقيقيّ أعني العملة ، ثمّ أفرد المشبّه بالذّكر مرادا به المشبّه به حقيقة ، فصار الكلام (يا هامانُ) بمعنى يا عملة ، فيكون النّداء لشخص والخطاب مع غيره ، وهذا فاسد ، إذ لا يجوز تعدّد الخطاب في كلام واحد من غير تثنية أو جمع أو عطف مع أنّ النّداء لهامان والخطاب معه في الواقع.
(٦) علّة لبطلان اللّازم وبطلان اللّازم يستلزم بطلان الملزوم ، أي ما ذهب إليه السّكّاكي