وكلّ كلام وافق الحقّ (١) ، وترك فاعل الإيتاء (٢) لأنّ هذا الفعل لا يصلح إلّا لله سبحانه [وفصل الخطاب (٣)] أي الخطاب المفصول البيّن (٤)
______________________________________________________
(١) إنّ عطف قوله : «وكلّ كلام ...» على ما قبله من قبيل عطف العامّ على الخاصّ لأنّ قولك : الواحد نصف الاثنين ، كلام وافق الحقّ وليس بشريعة.
(٢) حيث قال : «أوتي الحكمة» ولم يقل : أتى الله الحكمة ، لتعيّنه ، كما أشار إليه بقوله : «لأنّ هذا الفعل لا يصلح إلّا لله سبحانه». فقوله : «وترك فاعل الإيتاء» جواب عن سؤال مقدّر حاصله : أنّه كان على المصنّف التّصريح بالفاعل وإيراد الفعل مبنيّا للفاعل.
وملخّص الجواب : إنّ في عدم التّصريح بالفاعل ، وإيراد الفعل مبنيّا للمفعول فائدة مهمّة ، وهي الإشارة إلى أنّ هذا الفعل لا يصلح إلّا أن يصدر عن الله تعالى.
(٣) يحتمل عطف قوله :» فصل الخطاب «على» أوتي الحكمة «بناء على أنّ» فصل «فعل ماض بوزن ضرب و» الخطاب» مفعوله ، فيكون جملة فعليّة ، ويحتمل العطف على «الحكمة» فيكون عطف مفرد على مفرد ، بناء على أنّ «فصل» مصدر كما هو ظاهر كلام الشّارح. حيث فسّر «فصل الخطاب» بالخطاب المفصول أو الخطاب الفاصل ، فجعل المصدر بمعنى اسم المفعول أو اسم الفاعل ، ومقتضى التّفسير المذكور أن تكون إضافة ال «فصل» إلى «الخطاب» المراد به الكلام المخاطب به من قبيل إضافة الصّفة إلى الموصوف ، وهي بيانيّة.
وذكر بعضهم أنّ الأرجح أن يجعل «الفصل» باقيا على مصدريّته ، ويعتبر التّجوّز في إضافته إلى «الخطاب» على حدّ جرد قطيفة ، وإخلاق ثياب ، بأن يفرض أنّ أصله كان خطاب فصل نحو رجل عدل ثمّ قدم الفصل وأضيف إلى الخطاب ليفيد المبالغة في الخطاب بأنّه واجد لمرتبة راقيّة من الفصل بين الحقّ والباطل ، والتّمييز بين الصّواب والخطأ على نحو ينبغي أن يقال فيه نفس الفصل والتّمييز ولا ريب في أنّ تلك المبالغة أدخل في الغرض المسوق له الكلام ، وهو الإشارة إلى المعجزة ، لأنّ قوله : «فصل الخطاب» في المقام مسوق للإشارة إلى المعجزة ، وكيف كان فعطف «فصل الخطاب» على «الحكمة» عطف مفرد على مفرد.
(٤) تفسير للمفصول.