إنّما يكون (١) على تقدير تنزيل الأولى منزلة السّؤال وتشبيهها به ، والأظهر أنّه (٢) لا حاجة إلى ذلك (٣) ، بل مجرّد كون الأولى منشأ للسّؤال كاف في ذلك (٤) ، أشير إليه (٥) في الكشّاف.
________________________________________
(١) قوله : «إنّما يكون ...» خبر أنّ في قوله : «أنّ قطع الثّانية ...» فالمعنى فكأنّ المصنّف نظر إلى أنّ قطع الثّانية عن الأولى مثل قطع الجواب عن السّؤال إنّما يكون في تلك الحالة ، أي حالة تنزيل الأولى منزلة السّؤال لا في حالة تنزيل السّؤال المقدّر منزلة الواقع. كما قال السّكّاكي : وأمّا قوله : «مثل قطع الجواب عن السّؤال» فهو مفعول مطلق ، أي أنّ قطع الثّانية عن الأولى يكون قطعا ممّاثلا لقطع الجواب عن السّؤال «وتشبيهها به» أي تشبيه الجملة الأولى بالسّؤال.
(٢) أي الضّمير للشّأن.
(٣) أي إلى تنزيل الجملة الأولى منزلة السّؤال لقطع الجملة الثّانية عنها. وبعبارة أخرى إنّ قطع الجملة الثّانية عن الأولى لا يحتاج إلى التّنزيل المذكور ، بل مجرّد كون الجملة الأولى منشأ للسّؤال يكفي في قطع الثّانية عن الأولى ، وعدم عطفها عليها ، فهذا اعتراض على المصنّف بحسب اجتهاده بمعنى أنّه وإن لم يكن مخطئا في نقل كلام السّكّاكي ، إلّا أنّه مخطئ في اجتهاده ، وذلك لأنّ كون الجملة الأولى منشأ للسّؤال كاف في قطع الجملة الثّانية عن الأولى ، ولا حاجة إلى التّنزيل المذكور ، لأنّ الثّانية الّتي هي الجواب تكون كالمتّصلة بالجملة الأولى.
(٤) أي في قطع الثّانية عن الأولى وعدم عطفها عليها.
نعم ، لازم هذا الكلام أن يكون السّكّاكي أيضا مخطئا في اجتهاده ، إذ لو كان مجرّد كون الأولى منشأ للسّؤال كافيا في قطع الثّانية عن الأولى ، لأنّ الثّانية كالمتّصلة بها لمّا كان حاجة إلى تنزيل السّؤال المقدّر منزلة السّؤال المحقّق ، كما صنعه السّكّاكي.
(٥) أي إلى عدم الحاجة إلى التّنزيل مطلقا ، فالمتحصّل ممّا ذكرناه أنّ كلّا من المصنّف والسّكّاكي مخطئ في اجتهاده ، وإنّما المصيب هو صاحب الكشّاف حيث جعل الاستئناف كالجاري على المستأنف عنه ، وكالمتّصل به ، ولهذا لا يصحّ عطفه عليه لما بينه وبينه من الاتّصال ، ولو كان على تقدير السّؤال ، وتنزيل المستأنف عنه منزلة السّؤال لم يصلح كون الجواب كالجاري عليه ، إذ لا يجرى الجواب على السّؤال ، فقد اكتفى بمجرّد