عن الحسّ المشترك ، وهو (١) القوّة الّتي تتأدّى إليها صور المحسوسات من طرق الحواسّ (٢) الظّاهرة ، وبالمفكّرة (٣) القوّة الّتي من شانها التّفصيل (٤) والتّركيب (٥) بين الصّور المأخوذة من الحسّ المشترك ،
________________________________________
الخيال الّذي هو خزانته ، فالحسّ المشترك هو المدرك للصّور ، والخيال قوّة ترسم فيه تلك الصّور ، فهو خزانة له.
(١) أي الحسّ المشترك القوّة الّتي تتأدّى ، أي تصل إليها صور المحسوسات من طرق الحواسّ الظّاهرة ، فهو كحوض يصبّ فيه من أنابيب خمسة ، هي الحواس الخمس ، أي السّمع والبصر والشّمّ والذّوق واللّمس.
(٢) إضافة طرق إلى الحواسّ بيانيّة ، وقد عرفت تعريف الحواسّ الظّاهرة مفصّلا.
(٣) أي المراد بالمفكّرة ، أي المتصرّفة ، وكان عليه أن يقول : وبالمتصرّفة ، لأنّها هي الّتي تنقسم إلى المفكّرة والمتخيّلة.
(٤) أي التّفريق بقرينة التّركيب ، أي تفصيل بعض الصّور والمعاني عن بعض ، كصورة إنسان عديم الرّأس وتصوّر صداقة زيد خاليا عن محبّة.
(٥) أي تركيب الصّورة بالصّورة ، كما في قولك : صاحب هذا اللّون المخصوص له هذا الطّعم المخصوص ، وتركيب هذا المعنى بالمعنى ، كما في قولك : ما له هذه العداوة له هذا النّفرة ، وتركيب الصّور بالمعنى ، كما في قولك : صاحب هذه الصّداقة له هذا اللّون.
وتفصيل الكلام في المقام : إنّ شأن تلك القوّة تركيب الصّور المحسوسة الّتي تأخذها من الحسّ المشترك ، وتركيب بعضها مع بعض ، كتركيب رأس الحمار على جثّة الإنسان ، وإثبات إنسان له جناحان ، أو رأسان ، وشأنها أيضا تركيب المعاني الّتي تأخذها من الوهم مع الصّور الّتي تأخذها من الحسّ المشترك ، بأن تثبت تلك المعاني لتلك الصّور ، ولو على وجه لا يصحّ ، كإثبات العداوة للحمار ، والعشق للحجر ، وشأنها أيضا تفصيل الصّور عن المعاني بنفيها عنها ، وتفصيل الصّور بعضها عن بعض ، ومثال تفصيل الصّور بعضها عن بعض ، ولو على وجه لا يصحّ ، كتفصيل أجزاء الإنسان عنه حتّى يكون إنسانا بلا يد ، ولا رجل ولا رأس ، ومثال تفصيل المعاني عن الصّور بنفيها عنها ، كنفي الجمود عن الحجر ، ونفي المائعيّة عن الماء ، ومن أجل ذلك تخترع أمورا لا حقيقة لها ، حتّى أنّها تصوّر المعنى بصورة