وبالوهم (١) القوّة المدركة للمعاني الجزئيّة الموجودة في المحسوسات من غير أن تتأدّى (٢) إليها من طرق الحواسّ ، كإدراك (٣) الشّاة معنى في الذّئب. وبالخيال (٤) القوّة الّتي تجتمع فيها صور المحسوسات ، وتبقى فيها بعد غيبوبتها
________________________________________
والحاصل : إنّ في الباطن سبعة أمور : القوّة العاقلة ، وخزانتها ، والوهميّة ، وخزانتها ، والحسّ المشترك ، وخزانته ، والمفكّرة.
وبهذه السّبعة ينظّم أمر الإدراك ، وذلك لأنّ المفهوم المدرك إمّا كلّيّ أو جزئيّ ، والجزئيّ إمّا صور وهي المحسوسة بالحواسّ الخمس الظّاهرة ، وإمّا معان ولكلّ واحد من الأقسام الثّلاثة مدرك وحافظ ، فمدرك الكلّي هو العقل وحافظه المبدأ الفيّاض ، ومدرك الصّور هو الحسّ المشترك وحافظها هو الخيال ، ومدرك المعاني هو الوهم وحافظها هو الذّاكرة ، ولا بدّ من قوّة أخرى متصرّفة وتسمّى مفكّرة ومتخيّلة.
(١) أي المراد بالوهم هي القوّة المدركة للمعاني الجزئيّة مثل العداوة والصّداقة من زيد ، ومثل إدراك الشّاة الإيذاء والعداوة في الذّئب ، فالعداوة الّتي في الذّئب معنى جزئيّ تدركها الشّاة بالواهمة.
(٢) أي من غير أن تصل إلى تلك المعاني من طرق الحواسّ ، وهذه زيادة توضيح ، لأنّ المعاني عبارة عمّا يقابل الصّور ، والمتأدّى بالحواسّ هو الصّور ، فالمسموعات والمشمومات والمذوقات والملموسات داخلة في الصّور لا في المعاني ، وليس المراد بالصّور خصوص المبصرات ، وبالمعاني ما عداها ، حتّى يدخل فيها ما ذكر.
(٣) أي كالقوّة الّتي تدرك بها الشّاة معنى في الذّئب ، وهو الإيذاء والعداوة ، فالعداوة الّتي تدركها الشّاة بالواهمة معنى جزئيّ ، لم يتأدّ إليها من حاسّة ظاهرة لا من السّمع ، ولا من البصر ، ولا من الشّمّ ، ولا من الذّوق ، ولا من اللّمس. ثمّ قوله : «كإدراك الشّاة» ، إشارة إلى أنّ الوهم ليس مختصّا بذي العقل.
(٤) أي المراد بجامع الخيال هي القوّة التي تجتمع فيها صور المحسوسات ، وتبقى صور المحسوسات في القوّة الخياليّة ، فهي خزانة للحسّ المشترك ، وليست مدركة.
نعم ، متى التفت الحسّ المشترك إلى تلك الصّور بعد غيبتها عنه وجدها حاصلة في