الإخبار من غير تعرّض للتّجدّد في إحداهما والثّبوت في الأخرى (١) قلت : قام زيد وقعد عمرو ، وكذلك زيد قائم ، وعمرو قاعد (٢) [إلّا (٣) لمانع]
________________________________________
وبالأخرى الدّوام فحينئذ لا مجال لجعل التّناسب محسّنا للكلام ، لكونه صافيا لما هو المراد ، فلا معنى لوقوعه مركزا للاستحسان.
(١) وهذا يشتمل أربع صور : الأولى أن يكون المقصود من الجملتين التّجدّد.
الثّانية : أن يكون هو المقصود من كلّ منهما الثبوت.
الثّالثة : بأن لم يكن شيء منهما مقصودا فيهما.
الرّابعة : بأن يكون شيء منهما مقصودا في إحداهما دون الأخرى.
ففي جميع هذه الصّور التّناسب من محسّنات العطف ، أمّا في الصّورتين الأخيرتين فكونه محسّنا ظاهر ، لأنّ المقصود يحصل بالاختلاف أيضا ، فلا مجال لتوهّم الوجوب ، وأمّا في الصّورتين الأوليين فلمّا ذكرنا من أنّ وجوب اتّفاقهما لتحصيل المقصود أعني التّجدّد أو الثّبوت لا ينافي أن يعدّ محسّنا بالقياس إلى العطف على حسب مقتضى القواعد الأدبيّة ، إذ بالنّظر إليها الاختلاف أيضا جائز ، لأنّ المفروض هو التّكلّم حول المحسّنات بعد الفراغ عن المجوّز ، فصحّ حينئذ أن يقال : قام زيد وقعد عمرو ، سواء أريد التّجدّد في كلّ منهما أو لم يرد في شيء منهما ، أو أريد في إحداهما دون الأخرى.
لا يقال : لا يصحّ التّمثيل بهذين المثالين عند عدم إرادة التّجدّد أو الثّبوت في كلّ منهما ، أو في إحداهما ، لأنّ المثال الأوّل يدلّ على التّجدّد ، والمثال الثّاني يدلّ على الثّبوت لا محالة ، فينافي عدم إرادة التّجدّد في المثال الأوّل ، وعدم إرادة الثّبوت في المثال الثّاني.
لأنّنا نقول في الجواب : إنّ الممثّل هو عدم إرادة التّجدّد أو الثّبوت ، وهذا لا ينافي دلالة الكلام لفظا عليهما ، فإذا كان قصد المتكلّم إفادة مجرّد نسبة المسند إلى المسند إليه من دون قصد الثّبوت ، أو التّجدّد ، بل أراد إفادتها على نحو الطّبيعة المطلقة جاز له أن يأتي بالجملة الفعليّة أو الاسميّة ، فيفيد الكلام ما قصده على كلا التّقديرين ، وإن كان يفيد زائدا عليه الثّبوت أو التّجدّد ، إلّا أنّه غير مراد له.
(٢) أي لا تقول : قام زيد وعمرو قاعد ، ولا عكسه ، أي زيد قائم وعمرو قعد.
(٣) استثناء من تناسب الجملتين ، فمعنى عبارة المصنّف أنّ من محسّنات الوصل تناسب