[وإمّا أكثر (١)] عطف على إمّا جملة ، أي أكثر [من جملة] واحدة [نحو : (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ)(١) (٢) ، أي] فارسلون [إلى يوسف لاستعبره الرّؤيا ، ففعلوا فأتاه ، فقال له يا يوسف (٣)]. [والحذف على وجهين : أن لا يقام شيء مقام المحذوف (٤)] بل يكتفى بالقرينة (٥) [كما مرّ] في الأمثلة السّابقة (٦) وأن يقام (٧) ، نحو : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ)(٢) (٨)] فقوله : فقد كذّبت ، ليس جزاء الشّرط ، لأنّ تكذيب الرّسل
________________________________________
(١) أي المحذوف إمّا أكثر من جملة واحدة.
(٢) والشّاهد في الآية : إنّ المحذوف فيها أكثر من جملة واحدة ، بل جمل خمسة مع ما لها من المتعلّقات ، لا يستقيم المعنى إلّا بها أشار المصنّف إلى تقديرها بقوله : «أي إلى يوسف ...» ، فالجملة الأولى هي قوله : «لاستعبره الرّؤيا» أي لأطلب منه تعبيرها وتفسيرها ، والثّانية هي قوله : «ففعلوا» ، والثّالثة هي قوله : «فأتاه» ، والرّابعة هي قوله : «فقال له» ، والخامسة هي قوله : «يا يوسف» ، فإنّ الياء نائبة عن جملة أدعو ، وأمّا قوله : «إلى يوسف» فهو متعلّق الجملة المذكورة أعني أرسلون ، وقوله : «يوسف» الّذي هو المنادى هو المذكور.
(٣) (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ) الآية.
(٤) أي بأن لا يوجد شيء يدلّ عليه ، ويستلزمه في مكانه كعلّته المقتضيّة له.
(٥) أي بل يكتفي في فه المحذوف بالقرينة سواء كانت لفظيّة أو حاليّة.
(٦) أي الأمثلة التي تقدّمت لحذف الجملة مثل قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) ، إذ لم يعطف عليه شيء يدلّ على المعطوف المحذوف الّذي هو : ومن أنفق من بعده ، وكذا أنا ابن جلا إذ لم يذكر موصوف ينزّل منزلة الموصوف المحذوف.
(٧) أي أن يقام المحذوف ممّا يدلّ عليه كالعلّة والسّبب ، وليس المراد شيئا أجنبيّا لا يدلّ عليه ، ولا يقتضيه ، لأنّ هذا لا يقام مقام المحذوف.
(٨) والشّاهد في الآية :
قيام شيء مقام المحذوف ، لأنّ نفس تكذيب الرّسل لا يجوز أن يكون مترتّبا على تكذيب النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّ تكذيبهم سابق على تكذيبه ، مع أنّ الجزاء والجواب يجب أن يكون مضمونه مترتّبا على مضمون الشّرط ، فتكذيب الرّسل قبله سبب لمضمون الجواب المحذوف ، وهو
__________________
(١) سورة يوسف : ٤٥ و ٤٦.
(٢) سورة فاطر : ٤.