عرف عام (١) إذ (٢) هو المفهوم من إطلاق العرف [أو غيره] يعني العرف الخاصّ كالشّرع (٣) واصطلاحات أرباب الصّناعات
________________________________________
وأجيب بأنّ الاعتقاد في كلامه بمعنى اسم الفاعل مجازا ، أي مما يثبته معتقد المخاطب ، وهو عقله «بسبب عرف عام».
(١) المراد بالعرف العام ما استقرّ عليه عرف عام ، وهو الّذي لم يعرف جاعله بأنّه أهل الشّرع ، أو النّحاة ، أو المتكلّمون ، أو أهل اللّغة ، لا ما اتفق عليه جميع النّاس ، أو جميع أهل العلم ، أو جميع العوام حتّى يرد أنّ اتّفاق جميع النّاس ، أو جميع أهل العلم ، أو جميع العوام على شيء بعيد.
(٢) علّة لمحذوف ، أي إنّما قيّدنا العرف بالعامّ ، ولم نجعله شاملا للخاصّ لأنّه المفهوم من إطلاق العرف ، أي من استعماله مجرّدا عن القرائن ، وذلك كاللزّوم الّذي بين الأسد والجرأة ، فإنّه ليس ناش من العرف العامّ ، فإذا قيل : زيد أسد ، يعرف المخاطب أنّه أراد وصفه بالشّجاعة والجرأة ، فإنّه وإن لم يكن لزوم بين الجثّة المخصوصة ، والجرأة عقلا ، إلّا أنّه متحقّق عند العرف.
(٣) وذلك كاللزّوم الكائن بين بلوغ الماء كرّا وعدم قبوله النّجاسة ، فإنّ هذا اللزّوم عند أهل الشّرع خاصّة ، فإذا قال أحد لك : هل ينجس هذا الماء إذا وقع فيه نجاسة ، ولم يتغيّر لونه وريحه وطعمه؟ فأجبته بقولك : هذا الماء قد بلغ كرّا ، فهم منه عدم قبوله للنّجاسة ، إن كان من أهل الشّرع ، لقوله عليهالسلام : «الماء إذا بلغ كرّا لم ينجّسه شيء.
ومن هذا القبيل اللزّوم بين البطلان والتّسلسل عند الحكماء والمتكلّمين ، فإذا قلت لأحد يلزم من كلامه التّسلسل : كلامك مستلزم للتّسلسل ، يفهم منه أنّه باطل إن كان كلاميّا.
واللزّوم بين الرّفع والفاعل عند النّحاة ، فإذا قال أحد : جاء زيدا بالنّصب. فقلت له : زيد فاعل يفهم منه أنّه باطل ، إن كان نحويا ، هذا ما أشار إليه بقوله : «واصطلاحات أرباب الصّناعات».
فقوله : «واصطلاحات أرباب الصّناعات» عطف على «الشّرع» ، فيكون من أمثلة العرف الخاصّ ، لأنّ اصطلاح أرباب كلّ صنعة من قبيل العرف الخاصّ ، وذلك كلزوم المنشار للنّجار ، فإنّه خاصّ للنّجّارين ، فيجوز أن يقال : هذا منشار زيد ، ليفهم منه المخاطب أنّ زيدا نجّارا ، وكلزوم موسى للحلّاق ، فإنّه خاصّ للحلّاقين ، فيجوز أن يقال : هذا موسى زيد ليفهم المخاطب أنّه حلّاق وهكذا.