[التّشبيه] أي (١) مطلق التّشبيه أعمّ من أن يكون على وجه الاستعارة (٢) أو على وجه تبتنى عليه الاستعارة (٣)
________________________________________
أعني باب ، فأصل الكلام هذا باب التّشبيه ، ثمّ أشار الشّارح بقوله : «الاصطلاحي» إلى أنّ أل في التّشبيه للعهد الذّكري ، لأنّه ممّا تقدّم له ذكر في قوله : «ثمّ المجاز ما يبتنى على التّشبيه» ، والمراد بالمجاز المبتني على التّشبيه هو الاستعارة ، وهي تبتني على التّشبيه الاصطلاحي لا التّشبيه اللّغوي ، وذلك لأنّ استعارة اللّفظ إنّما تكون بعد المبالغة في التّشبيه ، وإدخال المشبّه في جنس المشبّه به.
ثمّ المراد بالتّشبيه الاصطلاحي الّذي هو أحد أقسام المقصود الثّلاثة ما كان خاليا عن الاستعارة ، والتّجريد بأن كان مشتملا على الطّرفين والأداة مثل قولك : زيد كالأسد ، ويبحث عن التّشبيه الاصطلاحي من جهة طرفيه ، وهما المشبّه والمشبّه به ، ومن جهة أداته وهي الكاف وشبهها ، ومن جهة وجهه وهو المعنى المشترك بين الطّرفين الجامع لهما. ومن جهة الغرض منه ، وهو الأمر الحاصل على إيجاده ، ومن جهة أقسامه ، وسيأتي تفصيل هذه الأشياء في محالّها.
(١) أي أل في التّشبيه هنا للجنس ، لا للعهد الذّكري ، ففي كلامه شبه استخدام ، حيث ذكر التّشبيه أوّلا بمعنى أي الاصطلاحي ، ثمّ ذكره ثانيا بمعنى آخر ، أي التّشبيه اللّغوي المتناول للاصطلاحي وغيره ، كما أشار إليه بقوله : «أعمّ من أن يكون على وجه الاستعارة» ، وإنّما تعرّض لتعريف مطلق التّشبيه الّذي هو التّشبيه اللّغوي ، مع أنّ الّذي من مقامه علم البيان إنّما هو الاصطلاحي لينجرّ الكلام منه إلى تحقيق المصطلح عليه ، فتتمّ الفائدة بالعلم بالمنقول عنه ، أي التّشبيه اللّغوي ، والمناسبة بينهما.
(٢) أي بالفعل وهو قسم من المجاز ، كما في قولك : رأيت أسدا بيده سيف ، حيث إنّ الاستعارة في هذا المثال تكون بالفعل ، وذلك لحذف الأداة والمشبّه.
(٣) أي بأن تكون الاستعارة بالقوّة ، وهو التّشبيه المذكور فيه الطّرفان والأداة ، نحو : زيد كالأسد ، أو كان زيدا أسدا ، وهذا هو المقصود ، ووجه بناء الاستعارة على هذا التّشبيه أنّه إذا حذف المشبّه وأداة التّشبيه ، وأقيمت قرينة على أنّ المراد هو الرّجل الشّجاع صار لفظ المشبّه به استعارة ومجازا بعد ما كان حقيقة.