لعدم تحقّقها (١) ، مع أنّها لو أدركت (٢) لم تدرك إلا بحسّ البصر (٣) ، وممّا يجب (٤) أن يعلم في هذا المقام (٥) أنّ من قوى (٦) الإدراك ما يسمّى متخيّلة ومفكّرة (٧) ومن شأنها (٨) تركيب الصّور والمعاني وتفصيلها (٩)
________________________________________
(١) أي لعدم تحقّق أنياب الأغوال ، وذلك لأنّ نفس الغول كما في بعض كتب اللّغة حيوان لا وجود له ، فكيف بأنيابه.
(٢) أي لو أدركت على سبيل الفرض والتّقدير.
(٣) أي لا بالعقل ، فالحصر إضافيّ ، فلا ينافي إدراكها على فرض الوجود بغير البصر من اللّمس والذّوق.
(٤) هذا توطئة لقوله : «والمراد بالخيالي ...» ، وإنّما تعرّض لذلك مع أنّه قد علم ممّا تقدّم ما هو المراد من الخيالي والوهمي هنا قصدا لزيادة التّحقيق والتّأكيد.
(٥) أي مقام بيان الخيالي والوهمي في باب التّشبيه.
(٦) وكلمة «من» إشارة إلى أنّ قوى الإدراك لا تنحصر في المتصرّفة ، بل أمور متعدّدة ، والمتصرّفة من جملتها ، فإنّ القوى الّتي يتمّ بها أمر الإدراك هي الخيال والوهم والحافظة والعقل والمتصرّفة الّتي تنقسم إلى المتخيّلة والمفكّرة.
(٧) أي قوّة واحدة لها اعتباران فتسمّى متخيّلة باعتبار استعمال الوهم لها ، ومفكّرة باعتبار العقل لها ، ولو مع الوهم ، وليس عمل هذه القوى منتظما ، بل النّفس هي الّتي يستعملها على أيّ نظام تريد بواسطة القوّة الوهميّة ، وبهذا الاعتبار تسمّى متخيّلة أو بواسطة القوّة العقليّة ، وبهذا الاعتبار تسمّى مفكّرة ، ثمّ الجامع بين المتخيّلة والمفكّرة المتصرّفة.
(٨) أي ومن شأن تلك القوى تركيب الصّور الّتي في الخيال ، أي تركيب الصّور المخزونة في الخيال ، كأن يركّب بعضها مع بعض ، مثل تركيب إنسان له جناحان أو رأسان ، وتركيب أمر مركّب من صورة الأعلام ، وصورة الياقوت ، وصورة الرّماح الزّبرجدّيّة ، وتركيب المعاني المرتسمة في الحافظة ، أي تركيب بعضها مع بعض بأن تركّب عداوة مع محبّة ، وحلاوة مع مرارة ، أو تركّب بعض الصّور مع بعض المعاني بأنّ تتصوّر أنّ هذا الحجر يحبّ أو يبغض فلانا.
(٩) أي تحليلها بأن تصوّر إنسانا لا رأس له.