ألا أيّها اللّيل الطّويل ألا انجلي] |
|
بصبح وما الإصباح منك بأمثل (١) |
إذ (٢) ليس الغرض طلب الانجلاء من اللّيل ، إذ ليس ذلك في وسعه (٣) لكنّه يتمنّى ذلك (٤) تخلّصا عمّا عرض له في اللّيل من تباريح (٥) الجوى ، ولاستطالته (٦) تلك اللّيلة ، كأنّه لا طماعيّة له في انجلائها ، فلهذا (٧) يحمل على التّمنّي دون التّرجّي ،
________________________________________
في طلب الأمر المحبوب الّذي لا طماعيّة في وقوعه ، فقد جرّد عن قيد الاستعلاء.
(١) أي قول امرئ القيس ، والمراد بالانجلاء الانكشاف ، وبالإصباح ظهور ضوء الصّبح ، وهو الفجر وأوّل النّهار ، فكأنّه يقول : انكشف أيّها اللّيل الطّويل طولا لا يرجى معه الانكشاف ، وقوله : «وما الإصباح منك بأمثل» أي بأفضل.
وحاصل المعنى : كأنّه يقول انكشف أيّها اللّيل الطّويل طولا لا يرجى معه الانكشاف ، وعلى تقدير الانكشاف فالإصباح لا يكون أفضل منه عندي ، لمقاساتي الهموم والأحزان فيه ، كما أقاسيها في اللّيل ، فاللّيل قد شارك النّهار في مقاساة الهموم لاشتراكهما في علّتها ، وهي فراق الحبيب ، فطلب النّهار ليس لخلوّه عنها ، بل لأنّ بعض الشّرّ أهون من بعض.
(٢) علّة للتّمنّي.
(٣) أي وسع اللّيل ، والأحسن أن يقول : لأنّ اللّيل ممّا يؤمر ويخاطب ، لأنّه لا ينبغي أن يكون المكلّف عاقلا يفهم الخطاب.
(٤) أي الانجلاء ، فكأنّه يقول : ليتك تنجلي.
(٥) التّباريح بالحاء المهملة : الشّدائد ، جمع تبريح ، بمعنى الشّدّة والجوى بالجيم : الحرقة وشدّة الوجد من حزن أو عشق.
(٦) علّة مقدّمة على المعلول ، وهو قوله : «كأنّه لا طماعيّة» أي وكأنّه لا طماعيّة له في انجلاء تلك اللّيلة لاستطالتها أعني لعدّها طويلة جدّا.
(٧) أي فلأجل عدم الطّماعيّة في الانجلاء والانكشاف حمل الأمر على التّمنّي ليناسب حال التّشكّي من الأحزان والهموم وشدّتها ، لأنّه لا يناسبها إلّا عدم الطّماعيّة في انجلاء اللّيل ، وذلك لأنّ كثرتها ولزومها لليل يعدّ اللّيل معها ممّا لا يزول ، ولذا جرت العادة بأنّ من وقع في ورطة وشدّة يتسارع باليأس ويتشكّى منها مظهرا لبعد النّجاة ، وما لو كانت مرجوّة الانكشاف لم تستحقّ التّشكّي من ليلها الملازمة له.