غير الله ، فالله هو المستحقّ للعبادة ، وفيه (١) نظر ، إذ ليس (٢) كلّ ما فيه معنى الشّيء حكمه حكم ذلك الشّيء ، والطّبع المستقيم شاهد صدق على صحّة قولنا : لا تضرب زيدا فهو أخوك ، بالفاء بخلاف أتضرب زيدا فهو أخوك ، استفهام إنكار ، فإنّه لا يصحّ إلّا بالواو الحاليّة.
________________________________________
وحاصل هذا القيل : إنّ الاستفهام هنا إنكاريّ ، بمعنى النّفي ، والنّفي هنا يصحّ أن يترتّب عليه ما بعد الفاء ترتّب العلّة على المعلول ، والسّبب على المسبّب ، إذ لا شكّ أنّه لو قيل : لا ينبغي أن يتّخذ غير الله وليّا بسبب أنّ الله هو الوليّ بحقّ ، كان المعنى صحيحا ، وحينئذ فلا داعي لتقدير الشّرط لعدم الحاجة إليه ، وحينئذ فالفاء للسّببيّة عطفت جملة السّبب على المسبّب.
(١) أي في ذلك القيل نظر.
(٢) أي ليس كلّ لفظ فيه معنى لفظ آخر حكمه لحكم لفظ آخر ، أي ليس الاستفهام الإنكاريّ كالنّفي مطلقا ، وفي جميع الأحكام مثلا ، الهمزة الّتي للإنكار في قوله : (أَمِ اتَّخَذُوا)، وإن كان فيها معنى لا ينبغي ، لكن ليس حكمها حكم لا ينبغي ، لأنّ الفاء بعد لا ينبغي للتّعليل بخلافها بعد (أَمِ اتَّخَذُوا).
وبعبارة أخرى : أنّه سلّمنا أنّ الاستفهام الإنكاريّ في الآية بمعنى لا ينبغي ، وسلّمنا أنّ الفاء بعد لا ينبغي عاطفة ، ولكن لا نسلّم استلزامه كون الفاء في الاستفهام الإنكاريّ أيضا عاطفة ، لأنّ كلّ لفظ فيه معنى لفظ آخر ، لا يجري عليه جميع أحكام هذا اللّفظ ، فإنّا نرى أنّ الإتيان بالفاء التّعليليّة العاطفة يصحّ بعد الفعل المنفيّ الّذي هو بمعنى لا ينبغي ، ولكن لا يصحّ بعد الاستفهام الإنكاريّ الّذي هو أيضا بهذا المعنى مثلا يصحّ أن يقال : لا تضرب زيدا فهو أخوك ، أي لا ينبغي لك أن تضربه بسبب أنّه أخوك ، ولا يصحّ أن يقال : أتضرب زيدا فهو أخوك ، مع أنّ هذا أيضا بالمعنى المذكور.
والشّاهد على ذلك هو الذّوق السّليم والوجدان لا البرهان ، فمن ذلك نستكشف أنّ مجرّد اتّحاد اللّفظين في معنى لا يستلزم اشتراكهما في جميع الأحكام.
ففي المقام أيضا نقول : إنّ مجرّد اتّحاد قولنا : لا ينبغي أن يتّخذ وليّا ، فالله هو