المفعول ونحوه من الظّرف وغيره يفيد الاختصاص فيلزم أن يكون استهزاء الله بهم مختصّا بحال خلوّهم إلى شياطينهم ، وليس كذلك (١).
فإن قيل (٢) إذا شرطيّة لا ظرفيّة.
قلنا (٣) إذا الشّرطيّة هي الظّرفيّة استعملت استعمال الشّرط.
________________________________________
الجملة أنّ إخبارهم إخوانهم عن الثّبات على اليهوديّة مختصّ بوقت خلوّهم إلى شياطينهم ، وهذا الحكم الزّائد لم يقصد إعطاؤه ل (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) لأنّ استهزاءه سبحانه لهم ليس مختصّا بوقت خلوّهم مع شياطينهم بل إنّما هو دائم مستمرّ ، فمن ذلك لم يعطف على الجملة الأولى ، وفصّل وجوبا إذ لو عطف عليها للزم التّشريك في الاختصاص ، وهو غير مقصود.
(١) أي ليس كون الاستهزاء مختصّا بحال خلوّهم مع شياطينهم ، لأنّ استهزاء الله بهم بمعنى مجازاته لهم بالخذلان مستمرّ في جميع أحوالهم ، ولا اختصاص لها بوقت دون وقت ، وحال دون حال.
(٢) هذا اعتراض على قول المصنّف : لئلّا يشاركه في الاختصاص بالظّرف.
وحاصل الاعتراض : أنّ إذا في قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا) شرطيّة لا ظرفيّة ، وحيث كانت شرطيّة فتقديمها لكونها مستحقّة للصّدارة لا للتّخصيص ، وحينئذ فالعطف لا يوجب خلاف المراد ، وبعبارة أن يقال في تقريب السّؤال : إنّما يكون الاختصاص المذكور إذا كانت إذا ظرفا ، فيلزم من تقديمها على العامل وجود الاختصاص ، وأمّا إذا كانت شرطيّة فتقديمها لاقتضائها الصّدريّة ، فلا يتحقّق الاختصاص.
(٣) وحاصل الجواب : إنّ إذا وإن كانت شرطيّة إلّا أنّ تقديمها مفيد للاختصاص نظرا لأصلها ، لأنّ إذا الشّرطيّة هي الظّرفيّة في الأصل ، وإنّما توسّع فيها باستعمالها شرطيّة ، وحيث كانت في الأصل ظرفيّة ، أفاد تقديمها الاختصاص ، ولو كانت فعلا شرطيّة ، إلّا أنّها يفيد تقديمها الاختصاص نظرا لأصلها.