بكماله كماله في الهداية ، لأنّ الكتب السّماوية بحسبها] أي (١) بقدر الهداية واعتبارها [تتفاوت في درجات الكمال] لا بحسب غيرها (٢) لأنّها (٣) المقصود الأصليّ من الإنزال [فوزانه] أي وزان (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٤) [وزان زيد الثّاني
________________________________________
أظهر من الشّمس.
وحاصل الجواب : إنّ المراد من الجملة الأولى أيضا إثبات الكمال المقيّد بالهداية للقرآن ، وذلك لأنّ تفاوت الكتب السّماويّة في درجات الكمال إنّما هو بسبب الهداية لا غيرها ، فالكمال المطلق في الجملة الأولى مطلق ظاهرا ، ومقيّد واقعا ، فحينئذ اتّحدت الجملتان من حيث المعنى فيصحّ عدّ الثّانية بمنزلة التأكيد اللّفظي للأولى في إفادة التّقرير مع اتّحاد المعنى.
(١) وفي تفسير قوله : «بحسبها» بقوله : «بقدر الهداية» إشارة إلى أنّ الحسب بمعنى القدر ، يقال عمل هذا بحسب عمل فلان ، أي على قدره ، وقول المصنّف «بحسبها» متعلّق بقوله : «تتفاوت» وتقديم الجارّ والمجرور لإفادة الحصر ، أي تتفاوت بحسب الهداية لا بحسب غيرها ، فإذا الكمال في الجملة الأولى وإن كان مطلقا ظاهرا لكنّه مقيّد بالهداية لبّا ، فعليه تكون الجملتان متّحدتين معنى.
(٢) أي لا بحسب غير الهداية.
(٣) أي لأنّ الهداية هي المقصودة من إنزال الكتب السّماويّة ، فما هو أكثر هداية ، فهو أرقى درجة ، وإنّ كمال حال القرآن إنّما هو بحسب حال هدايته ، فكلّ ما دلّ على كمال حاله دلّ على كمال هدايته بالضّرورة ، فحصر التّفاوت في الهداية للمبالغة بشأن هذا التّفاوت ، بتنزيل غيره منزلة العدم ، كما أشار إليه الشّارح بقوله : «لأنّها المقصود الأصليّ من الإنزال» ، فلا وجه لما قيل من أنّ الكتب السّماويّة تتفاوت أيضا بحسب جزالة النّظم وبلاغته كالقرآن حيث إنّه فاق سائر الكتب باعتبارهما ، فكيف يحصر المصنّف تفاوت الكتب السّماويّة في الهداية ، فيقال : إنّ حصر التّفاوت في الهداية للمبالغة بشأن هذا التّفاوت بتنزيل غيره منزلة العدم فحينئذ اتّحدت الجملتان في إرادة الكمال في الهداية ، وصار هو هدى تأكيدا لفظيّا ل (ذلِكَ الْكِتابُ).
(٤) أي مرتبة (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) بالنّسبة إلى (ذلِكَ الْكِتابُ) في إفادة التّقرير مرتبة زيد الثّاني في جاءني زيد زيد.