فإنّ المراد (١) التّنبيه على نعم الله تعالى] والمقام (٢) يقتضي اعتناء بشأنه ، لكونه (٣) مطلوبا في نفسه وذريعة إلى غيره (٤) [والثّاني] أعني قوله : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ) [أوفى بتأديته (٥)] أي تأدية المراد الّذي هو التّنبيه [لدلالته] الثّاني [عليها] أي على نعم الله تعالى [بالتّفصيل من غير إحالة (٦) على علم المخاطبين المعاندين ،
________________________________________
لأنّا نقول : هذه الجملة صلة الموصول ، وقد صرّح ابن هشام بأنّ المحلّ للموصول دون الصّلة فلا محلّ للصّلة.
(١) أي المراد من هذا الخطاب.
(٢) أي والحال إنّ المقام يقتضي اعتناء بشأن التّنبيه المذكور ، فتكون الجملة حاليّة.
(٣) أي لكون التّنبيه مطلوبا في نفسه ، لأنّ إيقاظهم عن سنة غفلتهم عن نعم الله أمر مطلوب في نفسه حيث إنّه مبدأ كلّ خير ، ويتوجّه الإنسان به إلى تفضّله تعالى ولطفه سبحانه ، وذلك يوجب أن يتصدّى لشكره هذه النّعم والإقدام بما هو وظيفة العبوديّة والمولويّة.
(٤) وهو التّقوى المذكور قبله بقوله تعالى : (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ) بأن يعلموا بذلك التّنبيه إلى أنّ من قدر أن يتفضّل عليهم بهذه النّعم ، فهو قادر على الثّواب والعقاب ، فاتّقوه.
(٥) أي وجه كونه أوفى بتأدية المراد الّذي هو التّنبيه المذكور أنّ فيه تصريحا بنعم الله ، ولا ريب أنّ التّصريح أقوى في باب التّنبيه من الإشارة والبيان الإجمالي ، كما قال المصنّف : «لدلالته» أي دلالة الثّاني «عليها» أي على نعم الله تعالى بالتّفصيل.
(٦) أي من غير أن يحال تفصيلها على علم الخاطبين المعاندين للحقّ والكافرين به ، لأنّه لو أحيل تفصيلها إلى علمهم لربّما نسبوا تلك النّعم إلى قدرتهم جهلا منهم ، وينسبون له تعالى نعما آخر كالإحياء والتّصوير ونحوهما ممّا لا يتوهّم أحد كونه من قبل البشر.