أو عجيبا (١) أو لطيفا (٢)] فتنزّل الثّانية من الأولى منزلة بدل البعض (٣) أو الاشتمال (٤) ، فالأوّل [نحو : (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)(١) (٥)
________________________________________
(١) أي لكونه عجيبا ، فيعتنى به لإعجاب المخاطب قصدا لبيان غرابته ، وكونه أهلا لأن ينكر إن ادّعى نفيه ، أو أهلا لأن يتعجّب منه كما في قولك : قال زيد لي قولا قال : أنا أهزم الجند وحدي ، وهذا بناء على جريان بدل الكلّ في الجمل الّتي لا محلّ لها من الإعراب ، وكما إذا رأيت زيدا محتاجا ويتعفّف ، فتقول : زيد جمع بين أمرين يحتاج ويتعفّف ، ونحو قوله تعالى : (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)(٢) فإنّ البعث والحياة بعد صيرورة العظام ترابا عجيب بل منكر عند من هو غافل عن قدرة الباري جلّت كبرياؤه ، وهذا المثال أيضا مثال بدل الكلّ والمثال العرفيّ نحو قولك : أعجبكم ما تعلمون من زيد ، أعجبكم مقادته الأسد ، إذا كان له أفعال عجيبة كثيرة يعرفها المخاطبون.
(٢) أي ظريفا مستحسنا فيقضى ذلك الاعتناء به كما قولك : أضحككم ما تعلمون من زيد أضحككم أنّه يصوت صوت حمار إذا كان له أفعال مضحكة كثيرة ، كأن يصوّت صوت ديك أو صوت كلب ، وهكذا ويعرفها المخاطبون.
(٣) أي في المفرد ، وإلّا فهي بدل حقيقة ، فلا معنى للتّنزيل.
(٤) أي تنزّل الثّانية من الأولى منزلة بدل الاشتمال ، ويمكن أن يقال بأنّ ضابط بدل الاشتمال أن يكون المبدل منه مقتضيا لذكر البدل ، وهو غير موجود هنا.
وأجيب بأنّ هذا ضابط البدل في المفردات ، ومحلّ الكلام هو البدل في الجمل.
(٥) الشّاهد في قوله تعالى : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) الآية حيث هذه الجملة بمنزلة البعض عن الجملة الأولى أعني قوله تعالى : (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ) فيكون مثالا للقسم الأوّل ، أي تنزيل الثّانية منزلة بدل البعض من الأولى ، فلهذا لم تعطف الثّانية على الأولى ، وذلك للاتّصال بين البدل والمبدل منه.
لا يقال : الكلام فيما لا محلّ له من الإعراب ، و (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ) لها محلّ من الإعراب وهو النّصب لأنّها مفعول لقوله : (اتَّقُوا) قبله.
__________________
(١) سورة الشّعراء : ١٣٢ ـ ١٣٤.
(٢) سورة المؤمنون : ٨١ و ٨٢.