بأنّه قد أوقع الأسد على زيد ، ومعلوم أنّ الإنسان لا يكون أسدا ، فوجب المصير إلى التّشبيه بحذف أداته قصدا (١) ـ إلى المبالغة فأسد.
لأنّ (٢) ـ المصير إلى ذلك إنّما يجب إذا كان أسد مستعملا في معناه الحقيقي ، وأمّا إذا كان مجازا عن الرّجل الشّجاع فحمله على زيد صحيح (٣) ، ويدلّ على ما ذكرناه (٤) أنّ المشبّه به في مثل هذا المقام كثيرا ما يتعلّق به (٥) الجارّ والمجرور كقوله (٦) : أسد عليّ وفي الحروب نعامة ، أي مجترئ صائل عليّ.
________________________________________________________
(١) أي قوله : «قصدا إلى المبالغة» علّة لحذف الأداة ، أي إنّما حذفت الأداة لأجل قصد المبالغة في زيد بإيهام أنّه عين الأسد.
(٢) أي قوله : «لأنّ المصير ...» علّة لقوله : «فاسد» أي لأنّ المصير والنّقل إلى التّشبيه بحذف الأداة إنّما يصحّ ، بل يجب إذا كان أسد مستعملا في معناه الحقيقي ، وليس الأمر كذلك ، فإنّ الأسد مستعمل في معناه المجازي ، أعني الرّجل الشّجاع ، فحينئذ قد استعمل لفظ المشبّه به في المشبّه على سبيل الاستعارة.
(٣) لأنّ المعنى زيد رجل شجاع.
(٤) أي يدلّ على ما ذكرناه من استعمال أسد في رجل شجاع لا في الحيوان المفترس الّذي وضع له ، إنّ المشبّه به في مثل هذا المقام ، أي في كلّ تركيب ذكر فيه المشبّه به ، والمشبّه بحسب الصّورة ولم تذكر الأداة.
(٥) أي يتعلّق بالمشبّه به الجارّ والمجرور ، وتعلّق الجارّ والمجرور دليل على أنّه مؤوّل بمشتقّ كشجاع مثلا.
(٦) أي قول عمران بن حطّان من شعراء الخوارج خطابا للحجّاج توبيخا له ، أي أنت أسد عليّ وأنت نعامة في الحروب ، فقوله : «عليّ» متعلّق ب «أسد» و «في الحروب» متعلّق ب «نعامة» لكونهما بتأويل المشتقّ ، أي أنت عليّ مجترىء وشجاع ، وفي الحروب جبان ، لأنّ النّعامة من أجبن الحيوانات ، فقوله : «أي مجترئ صائل عليّ» تفسير للمعنى المجازي والمشبّه بالأسد.