فإطلاقه (١) ـ على المشبّه ، وهو الرّجل الشّجاع إطلاق على غير ما وضع له مع قرينة مانعة عن إرادة ما وضع له ، فيكون مجازا لغويّا ، وفي هذا الكلام (٢) ـ دلالة على أنّ لفظ العامّ إذا أطلق على الخاصّ لا باعتبار خصوصه ، بل باعتبار عمومه فهو ليس من المجاز في شيء ، كما إذا لقيت زيدا فقلت : لقيت رجلا أو إنسانا أو حيوانا ، بل هو حقيقة ، إذا لم يستعمل اللّفظ إلّا في معناه الموضوع له (٣).
[وقيل : إنّها] أي الاستعارة [مجاز عقلي (٤) بمعنى أنّ التّصرف في أمر عقلي (٥) لا لغوي (٦) ، لأنّها لمّا لم تطلق على المشبّه إلّا بعد ادّعاء دخوله] أي دخول المشبّه [في جنس
________________________________________________________
(١) أي إطلاق الأسد في قولنا : رأيت أسدا يرمي على الرّجل الشّجاع ، إطلاق على غير ما وضع له ، هذا هو مناط المجاز اللّغوي فيكون مجازا لغويّا لا مجازا عقليّا.
(٢) أي قول المصنّف ، ولا للأعمّ منهما ، أي فيه دلالة على أنّ إطلاق لفظ العامّ على الخاصّ باعتبار عمومه ليس مجازا ، نعم ، إطلاقه عليه باعتبار خصوصه مجاز.
(٣) أي وحاصل الكلام في المثال المذكور أنّ اللّفظ لم يستعمل إلّا فيما وضع له لكنّه وقع في الخارج على زيد ، وهو خاصّ ، لأنّ في الخاصّ عموميّة وخصوصيّة ، وهي التّشخيص وعموميّة الخاصّ كونه رجلا أو إنسانا أو حيوانا مثلا ، فإذا أطلق العامّ على الخاصّ لا باعتبار خصوصيّة الخاصّ وهو التّشخص ، بل باعتبار عمومه وهو رجل أو إنسان أو حيوان لا يكون مجازا ، لأنّه اعتبر في الخاصّ العموميّة ، ثمّ أطلق العامّ عليه ، فيكون استعمال اللّفظ فيما وضع له.
(٤) أي ليس المراد بالمجاز العقلي إسناد الفعل أو ما هو بمعناه إلى غير ما هو له على ما مرّ في بحث الإسناد الخبري ، لأنّه كما بيّن هناك التّصرف في الإسناد بجعله لغير ما هو له ، وذلك غير متحقّق هنا بل المراد بالمجاز العقلي هنا هو التّصرف في أمر عقلي ـ أي ما يدرك بالعقل ، وهو المعاني العقليّة ، وإليه أشار بقوله : «بمعنى أنّ التّصرّف».
(٥) أي هو جعل الرّجل الشّجاع فردا من أفراد الأسد حقيقة بعد ادّعاء أنّه من جنس المشبّه به أي الأسد.
(٦) أي لا في أمر لغوي ، وهو لفظ الأسد مثلا ، بمعنى أنّ المتكلّم لم ينقل اللّفظ ـ إلى غير معناه ، بل استعمله في معناه بعد التّصرف في المعنى بأن جعل المعنى معنى آخر ادّعاء ،