ومادر (١) بالبخل ، وسحبان (٢) بالفصاحة ، وباقل (٣) بالفهاهة ، فحينئذ (٤) يجوز أن يشبّه شخص بحاتم في الجود ، ويتأوّل في حاتم ، فيجعل كأنّه موضوع للجواد (٥) سواء كان ذلك الرّجل المعهود (٦) أو غيره ، كما مرّ في الأسد (٧) ، فبهذا التّأويل (٨) يتأوّل حاتم ، الفرد المتعارف المعهود ، والفرد الغير المتعارف ، ويكون إطلاقه على المعهود أعني حاتما الطّائيّ حقيقة (٩) ، وعلى غيره (١٠) ممّن يتّصف بالجود استعارة ، نحو : رأيت اليوم (١١) حاتما.
________________________________________________________
(١) أي وهو بتقديم الدال المتضمّن الاتّصاف بالبخل ، اسم رجل من بني هلال بن عامر بن صعصعة ، وإنّما سمّي مادرا ، لأنّه سقى إبلا له من حوض ، فلمّا فرغت الإبل من الشّرب بقي أسفل الحوض ماء قليل فسلح فيه ، أي تغوّط في الحوض ، ومدر الحوض به ، أي حرك ماءه به بخلا ، خوفا من أن يستقي من حوضه أحد.
(٢) أي هو علم لرجل مشهور بالبلاغة والفصاحة.
(٣) أي باقل متضمّن للاتّصاف بالفهاهة ، أي العجز عن الإفصاح عمّا في الضّمير ، وهو اسم رجل من العرب كان شديد العيّ في النّطق ، وقد اتّفق أنّه كان اشترى ظبيا بأحد عشر درهما ، فقيل له : بكم اشتريته؟ ففتح كفّيه ، وفرّق أصابعه ، وأخرج لسانه ليشير بذلك إلى أحد عشر ، فانفلت منه الظّبي فضرب به المثل في العيّ.
(٤) أي فحين إذ تضمّن العلم كحاتم نوع وصفيّة حسبما ذكر «يجوز ...».
(٥) أي كأنّ حاتما موضوع لجنس الجواد ، أي لكلّيه.
(٦) أي بأن يكون ذلك الرّجل من العرب من قبيلة طيّ ، أو كان غيره عربا كان أو عجما أو غيرهما من الطّوائف.
(٧) أي كأنّه موضوع للشّجاع سواء كان متعارفا أو غيره.
(٨) أي تأويل حاتم بالجواد الشّامل للفرد المتعارف والفرد الغير المتعارف ، يتأوّل حاتم لهما.
(٩) أي قوله : «حقيقة» خبر «يكون» في قوله : «ويكون إطلاقه».
(١٠) أي على غير حاتم الطّائي يكون إطلاقه استعارة.
(١١) أي اليوم قرينة على الاستعارة ، لأنّ حاتم الطّائي ليس في هذا اليوم.