أو (١) بكونه مشاركا للمشبّه به في وجه الشّبه ، وإنّما يصلح للموصوفيّة (٢) الحقائق ، أي الأمور المتقرّرة الثّابتة ، كقولك : جسم أبيض ، وبياضه صاف (٣) ، دون (٤) معاني الأفعال والصّفات المشتقّة منها ، لكونها متجدّدة غير ـ متقرّرة (٥) بواسطة دخول الزّمان في مفهوم الأفعال (٦) ،
________________________________________________________
بالشّجاعة ، وأنّها وجدت فيه كما وجدت في عمرو ، وأمّا في المشبّه به فلأنّه لو لم توجد فيه الشّجاعة ، لم يصحّ الحكم على زيد في المثال بأنّه ملحق بعمرو في الشّجاعة ، وأنّه مشارك له فيها ، وإذا كان التّشبيه مقتضيا لوجود وجه الشّبه في الطّرفين صحّ أن يحكم به على كلّ منهما.
(١) أي إنّما ذكر لفظة «أو» إشارة إلى أنّه لا فرق بين التّعبيرين في الدّلالة على المقصود فهي للتّنويع في التّعبير ، فأنت مخيّر في التّعبير بكلّ من العبارتين ، لأنّهما متلازمان إذ يلزم من كون المشبّه موصوفا بوجه الشّبه أن يكون مشاركا للمشبّه به في وجه الشّبه وبالعكس.
(٢) أي لكونه موصوفا بوجه الشّبه أو بغيره.
(٣) أي أشار بالمثالين إلى عدم الفرق بين اسم العين كمثل جسم أبيض ، واسم المعنى كقولك : وبياضه صاف ، وإنّ المدار على ثبوت المدلول وتقرّره ، فكلّ من الجسم والبياض مدلوله متقرّر ، أي ليس سيّالا متجدّدا شيئا فشيئا وثابت في نفسه لاستقلاله بالمفهوميّة ، فلذا صحّ وصف الأوّل بالبياض والثّاني بالصّفاء ، والتّمثيل بالبياض للحقّائق المتقرّرة بناء على التّحقّيق من بقاء العرض في زمانين.
(٤) أي قوله : «دون معاني الأفعال» بيان لما احترز بقوله : «المتقرّرة» ، وحاصل الاحتراز أنّ الفعل كقام لدلالته على الزّمان السّيال لدخوله في مفهومه لا تقرّر له ، فلا يصلح مدلوله للموصوفيّة ، فلا يصحّ التّشبيه فيه فلا تصحّ الاستعارة الأصليّة المبنيّة على التّشبيه فيه ، والوصف كقائم فإنّه وإن لم يدلّ على الزّمان بصيغته ، لكن يعرض اعتباره فيه كثيرا ، فيمنعه من التّقرر فلا يصلح مدلوله للموصوفيّة المصحّحة للتّشبيه المصحّح للاستعارة الأصليّة.
(٥) أي قوله : «غير متقرّرة» تفسير ل «متجدّدة».
(٦) أي لأنّ الزّمان جزء مفهوم الأفعال ، فدلالتها عليه دلالة تضمّنيّة ، بخلاف الصّفات فإنّ دلالتها عليه دلالة التزاميّة ، لأنّها تدلّ على ذات ثبت لها الحدث ، والحدث لا بدّ له من زمان يقع فيه.