دون الرّداء (١) تجريدا للاستعارة ، والقرينة (٢) سياق الكلام ، أعني قوله : [إذا تبسّم (٣) ضاحكا] أي شارعا (٤) في الضّحك آخذا فيه ، وتمامه (٥) : غلقت (٦) لضحكته رقاب المال ، أي إذا تبّسم غلقت رقاب أمواله في أيدي السّائلين ، يقال غلق الرّهن (٧) في يد المرتهن إذا لم يقدر على انفكاكه (٨).
________________________________________________________
(١) أي دون الرّداء الّذي هو المستعار منه ، فإنّه لا يقال رداء كثير ، بل يقال رداء واسع أو ضيّق.
(٢) أي القرينة على أنّ الرّداء مستعار للإعطاء ، لا أنّه مستعمل في معناه الحقيقي وهو الثّوب.
(٣) أي أنّه إذا تبسّم ضاحكا أخذ الفقراء ماله ، فهذا يدلّ على أنّ المراد بالرّداء الإعطاء ، لا حقيقته الّتي هي الثّوب الّذي يجعل على الكتفين.
(٤) أي لمّا كان التّبسم دون الضّحك على ما في الصّحّاح ، ولم يكن الضّحك مجامعا له فسّره ب «شارعا» في الضّحك ، فجعلها حالا مقارنة ، لأنّ الشّروع فيه عبارة عن الأخذ في مباديه ، وهو مقارن للتّبسم في الوقوع ، وقوله : «أخذا» تفسير لقوله : «شارعا» ، وفي قوله : «تبسّم ضاحكا» مدح بأنّه وقور لا يقهقه ، وأنّه باش بالسّائلين.
(٥) أي هذا البيت لكثير بالتّصغير ، أي كثير عزّة بن عبد الرّحمن الخزاعي ، وهو شاعر معروف ، وإنّما صغّروه لشدة قصره ، حتّى قيل في شأنه : إنّه من حدثّك أنّه يزيد على ثلاثة أشبار فلا تصدّقه.
(٦) أي غلق بفتح الغين المعجمة وكسر اللّام ، بمعنى تمكّن ، والضّحكة بفتح الضّاد المرّة من الضّحك ، فالمعنى إذا تبسّم الممدوح غلقت رقاب أمواله في أيدي السّائلين ، أي تمكّنت أيديهم على أخذها ، فيأخذون أمواله بدون أن يأذن لهم ، وهو من حسن خلقه وكرمه ، لا يقدر على نزعها من أيديهم. وحاصل المعنى أنّ السّائلين يأخذون أموال ذلك الممدوح من غير علمه ، ويأتون بها إلى حضرته فيتبسّم ولا يأخذها منهم ، فضحكه موجب لتمكّنهم من المال بحيث لا ينفكّ من أيديهم ، فكأنّه يباح لهم بضحكه.
(٧) أي المال المرهون.
(٨) أي إذا لم يقدر الرّاهن على انفكاك الرّهن لمضيّ أجل الدّين.