يضمر التّشبيه في النّفس فلا يصرّح بشيء من أركأنه (١) سوى المشبّه (٢)] وأمّا وجوب (٣) ذكر المشبّه به فإنّما هو في التّشبيه المصطلح عليه ، وقد عرفت أنّه غير الاستعارة بالكناية. [و (٤) يدلّ عليه] أي على ذلك التّشبيه المضمر في النّفس [بأن يثبت للمشبّه أمر مختصّ بالمشبّه به] من غير أن يكون هناك (٥) أمر متحقّق حسّا أو عقلا ، يطلق عليه اسم ذلك الأمر ، [فيسمّى التّشبيه (٦)] المضمر في النّفس [استعارة بالكناية أو مكنيّا عنها] أمّا الكناية فلأنّه لم يصرّح به ، بل إنّما دلّ عليه بذكر خواصّه ولوازمه ، وأمّا
________________________________________________________
(١) أي أركانه الأربعة ، أي المشبّه والمشبّه به والإداة ووجه الشبّه.
(٢) أي لا يصرّح إلّا بالمشبّه ، وإنّما اقتصر على التّصريح به ، لأنّ الكلام يجري على أصله ، والمشبّه هو الأصل ، ولو صرّح معه بالمشبّه به أو بالأداة لم يكن التّشبيه مضمرا.
(٣) أي قوله : «وأمّا وجوب ذكر المشبّه» جواب عمّا يقال : قد سبق في التّشبيه أنّ ذكر المشبّه به واجب في التّشبيه البتّة ، وهذا يناقض قول المصنّف ، فلا يصرّح ...
وحاصل الجواب : إنّ ما سبق من وجوب ذكر المشبّه به في التّشبيه إنّما هو في التّشبيه المصطلح عليه ، وهو ما لا يكون على وجه الاستعارة بحيث يدلّ عليه بالأداة ظاهرة أو مقدّرة ، وأمّا التّشبيه الّذي على وجه الاستعارة فلا يذكر فيه المشبّه به باقيا على معناه الحقيقي.
(٤) أي قيل الواو بمعنى مع ، أي مع الدّلالة على التّشبيه من المتكلّم بأمر هو أن يثبت للمشبّه أمر مختصّ بالمشبّه به ، أي لا يوجد ذلك الأمر في المشبّه كالأظفار مثلا ، لا أنّه لا يوجد في غير المشبّه به أصلا ، فإنّ الأظفار توجد في غير السّبع لكن لا توجد في المنيّة.
(٥) أي من غير أن يكون هناك للمشبّه أمر متحقّق حسّا أو عقلا يطلق عليه اسم ذلك الأمر الخاصّ بالمشبّه به ، كما في قولك أظفار المنيّة نشبت بفلان ، فإنّه ليس للمشبّه أعني : المنيّة أظفار محقّقة حسّا أو عقلا يطلق عليها لفظ الأظفار ، وإنّما وجد مجرّد إثبات لازم المشبّه به للمشبّه لأجل الدّلالة على التّشبيه المضمر.
(٦) أي وحاصل الكلام في المقام أنّه قد وجد على ما ذكره المصنّف فعلان : أحدهما إضمار التّشبيه في النّفس على الوجه المذكور والآخر إثبات لازم المشبّه به للمشبّه ، وكلاهما يحتاج لأن يسمّى باسم لاسم الآخر ، فذكر المصنّف أنّ الأمر الأوّل وهو التّشبيه المضمر في النّفس يسمّى باسمين أحدهما استعارة بالكناية والآخر استعارة مكنّى عنها ، وذكر أنّ الأمر