متعارفا وغير متعارف ، ثمّ نخيّل أنّ الواضع كيف يصحّ منه أن يضع اسمين كلفظي المنيّة والسّبع لحقيقة واحدة (١) ، ولا يكونان مترادفين (٢) ، فيتأتّى لنا بهذا الطّريق (٣) دعوى السّبعيّة للمنيّة مع التّصريح بلفظ المنيّة (٤). ـ وفيه (٥) نظر ، لأنّ ما ذكره لا يقتضي كون المراد بالمنيّة غير ما وضعت له بالتّحقّيق ،
________________________________________________________
(١) أي وهي الموت المدّعى سبعيّته ، وقوله : «كيف يصحّ» استفهام إنكاري ، أي لا يصحّ ومصبّه قوله : «ولا يكونان مترادفين».
(٢) أي والحال أنّهما لا يكونان مترادفين ، أي بل لا يضع الواضع اسمين لحقيقة واحدة إلّا هما مترادفان ، فحينئذ يتخيّل ترادف المنيّة والأسد.
(٣) أي وهو ادّعاء دخول المنيّة في جنس السّبع ، وتخييل أنّ لفظيهما مترادفان.
(٤) أي أنّه يتأتّى لنا بالطّريق المذكور أمران :
أحدهما : ادّعاء ثبوت السّبعيّة للمنيّة ، لأنّ ذلك لازم لإدخالها في جنسه ، فصحّ بذلك أنّ لفظ المنيّة إذا أطلق عليها إنّما أطلق على السّبع الادّعائي ، فصار مستعملا في غير ما وضع له ، لأنّ المنيّة إنّما وضعت للموت الخالي عن دعوى السّبعيّة له فيكون استعارة.
ثانيهما : صحّة إطلاق لفظ المنيّة على ذلك السّبع الادّعائي ، لأنّ ذلك لازم التّرادف بين اللّفظين ، فلا يرد أنّه لا يناسب ، لأنّ إدخالها في جنس السّبع إنّما يناسب إطلاق لفظ السّبع عليها.
والحاصل أنّه بادّعاء السّبعيّة لها أطلقنا أحد الطّرفين وعنينا الآخر في الجملة ، وبالتّرادف المتخيّل صحّ لنا إطلاق المنيّة على المعنى المراد وهو السّبع الادّعائي من غير تناف ولا منافرة بين دعوى السّبعيّة للمنيّة وبين التّصريح بها بعد دعوى المرادفة ، فصارت المنيّة اسما للسّبع ، فلا منافاة بين ما اقتضته الاستعارة من أنّ المنيّة من أفراد السّبع وبين التّصريح بالمنيّة ، لأنّ التّصريح بالمنيّة كالتّصريح بالسّبع ، وحينئذ فالمنيّة مستعملة في غير ما وضعت له ، فيكون من الاستعارة ولا يرد الاعتراض المذكور.
(٥) أي في هذا الجواب نظر ، وحاصله : أنّ ادّعاء التّرادف لا يقتضي التّرادف حقيقة ، لأنّ الادّعاء لا يوجب انقلاب الواقع عما هو عليه ، فالادّعاء لا يجعل الموضوع له غير الموضوع له ، كما لا يجعل غير الموضوع له موضوعا له.