المضمر في النّفس يعني تشبيه المنيّة بالسّبع ، وكأنّ هذا الاعتراض (١) من أقوى اعتراضات المصنّف على السّكّاكي. وقد يجاب عنه (٢) بأنّه وإن صرّح بلفظ المنيّة إلّا أنّ المراد به السّبع ادّعاء كما أشار إليه في المفتاح من أنّا (٣) نجعل ههنا اسم المنيّة اسما للسّبع مرادفا (٤) له ، بأن ندخل (٥) المنيّة في جنس السّبع للمبالغة في التّشبيه ، بجعل أفراد السّبع قسمين :
________________________________________________________
(١) أي اعتراض المصنّف بقوله :
«بأنّ لفظ المشبّه فيها مستعمل فيما وضع له تحقيقا» ، ولعلّ الشّارح أخذ قوّته عند المصنّف من حيث اعتنائه ببيان ردّه.
(٢) أي عن ردّ المصنّف على السّكّاكي ، وحاصله :
إنّ المراد بلفظ المنيّة هو السّبع ادّعاء أي الموت المدّعى سبعيته ، وحينئذ فلا يكون لفظ المنيّة مستعملا فيما وضع تحقيقا حتّى ينافي ذلك كونه استعارة ، لأنّه حقيقة في الموت من حيث هو لا في هذا الموت الادّعائي.
(٣) أي قوله :
«من أنّا» بيان لما في قوله : «كما» وإضافة «اسم» للمنيّة بيانيّة.
(٤) أي حالة كون اسم المنيّة مرادفا لاسم السّبع.
(٥) أي قوله :
«بأن ندخل ...» ، وما عطف عليه بيان للمرادفة ، وأشار به إلى أنّ جعل اسم المنيّة مرادفا لاسم السّبع إنّما هو بالتّأويل ، وليس بإحداث وضع مستقلّ فيها حتّى تكون من باب الاشتراك اللّفظي فتخرج عن الاستعارة.
ومحصّل ما أفاده أنّ السّبع تحته فردان ، والمنيّة اسم لفرد منهما ، وهذا لا يقتضي التّرادف الحقيقي ، لأنّ المترادفين اللّفظان المتحدان مفهوما ومصداقا ، وهنا الأسد أعمّ من المنيّة ، لأنّ المراد منها فرد من فردي الأسد ، بل التّرادف هنا إنّما بالتّأويل فيكون تخييليا كما أشار إليه بقوله : «ثمّ نخيّل ...» ، أي بصيغة المتكلّم المعلوم عطفا على «ندخل» أي ثمّ بعد إدخال المشبّه في جنس المشبّه به نذهب على سبيل التّخييل ، أي على سبيل الإيقاع في الخيال لا على سبيل التّحقّيق لأنّه ليس هناك وضع اسمين حقيقة لشيء واحد.