الاستعارة بالكناية كلفظ المنيّة مثلا [مستعمل فيما وضع له تحقّيقا] للقطع بأنّ المراد بالمنيّة هو الموت لا غير ، [والاستعارة ليست كذلك] ، لأنّه قد فسّرها بأن تذكر أحد طرفي التّشبيه وتريد به الطّرف الآخر. ولمّا كان ههنا مظنّة سؤال (١) وهو أنّه لو أريد بالمنيّة معناها الحقيقي ، فما معنى إضافة الأظفار إليها أشار إلى جوابه بقوله : [وإضافة نحو الأظفار قرينة التّشبيه (٢)]
________________________________________________________
عنها بالنّظر إلى مقتضى تفسيرها حقيقة لا مجازا ، ومقتضى تفسير مطلق الاستعارة أن يكون الطّرف المذكور مستعملا في غير ما وضع له تحقّيقا ، فيكون المكنّى عنها بالنّظر إلى مقتضى تفسير مطلق ـ الاستعارة مجازا لا حقيقة ، وليس هذا إلّا تناقضا وهو باطل.
وبعبارة أخرى : إنّ ما ذكره المصنّف من الرّدّ إشارة إلى قياس من الشّكل الثّاني ، تقريره أن يقال لفظ المشبّه الّذي ادّعي أنّه استعارة مستعمل فيما وضع له ، ولا شيء من الاستعارة بمستعمل فيما وضع له ينتج المشبّه ليس استعارة ، فقوله : «والاستعارة ليست كذلك» إشارة إلى كبرى القياس ، أي ليست مستعملة فيما وضعت له تحقيقا عند السّكّاكي ، لأنّه جعلها من المجاز اللّغوي ، وفسّرها بما ذكره الشّارح ، وهو أن تذكر أحد طرفي التّشبيه وتريد به الطّرف الآخر.
(١) أي من طرف السّكّاكي ، والمراد بالسّؤال ههنا هو دفع الرّد المذكور.
حاصله : أنّه إذا كان المراد بالمنيّة نفس الموت لا السّبع فما وجه إضافة الأظفار إلى المنيّة مع أنّها معلومة الانتفاء عنها ، فلو لا أنّه أريد بالمنيّة معنى السّبع لم يكن معنى لذكر الأظفار معها وإضافتها إليها ، لأنّ ضمّ الشّيء إلى غير من هو له هدر ولغو يتحاشى عنه اللّفظ البليغ ، فلا يكون لفظ المنيّة مستعملا فيما وضع له تحقيقا ، لأنّ إضافة الأظفار إليها مانعة عن أن يراد بالمنيّة معناها الحقيقي ، إذ لا ملائمة بينه وبين الأظفار ، فلا يرد الرّدّ المذكور ، لأنّ المراد بها غير معناها الحقيقي بقرينة هذه الإضافة ، وأشار المصنّف إلى جواب هذا السّؤال بقوله : «وإضافة نحو الأظفار».
(٢) أي الإضافة ليست قرينة للاستعارة ، بل هي قرينة التّشبيه المضمر في النّفس ولا منافاة بين إرادة نفس الموت بلفظ المنيّة وبين إضافة الأظفار إليها ، لأنّ إضافة نحو الأظفار في الاستعارة المكنيّة إنّما كانت لأنّها قرينة على التّشبيه النّفسي ، لأنّها تدلّ على أنّ الموت ألحق في النّفس بالسّبع ، فاستحقّ أن يضاف إليها ما يضاف إليه من لوازمه ، فإضافة الأظفار حينئذ مناسبة لتدلّ على التّشبيه المضمر في النّفس.