حيث جعل (١) المنيّة استعارة بالكناية وإضافة الأظفار إليها قرينتها (٢) ، ففي قولنا : نطقت الحال بكذا ، جعل القوم ، نطقت ، استعارة عن دلّت (٣) ، بقرينة الحال ، والحال حقيقة (٤) ، وهو يجعل الحال استعارة بالكناية عن المتكلّم ، ونسبة النّطق إليها قرينة الاستعارة ، وهكذا في قوله : نقريهم لهذميّات (٥) يجعل اللهذميّات استعارة بالكناية عن المطعومات الشّهيّة على سبيل التّهكّم ، ونسبة القرى (٦) إلييها قرينة الاستعارة ، وعلى هذا القياس (٧).
________________________________________________________
(١) أي جعل السّكّاكي المنيّة استعارة بالكناية عن السّبع ، وجعل إثبات الأظفار لها قرينة الاستعارة ، وبالجملة ما جعله القوم قرينة للاستعارة التبعيّة جعله السّكّاكي استعارة بالكناية ، وما جعلوه استعارة تبعيّة جعله السّكّاكي قرينة للاستعارة بالكناية.
(٢) أي المناسب لمذهب السّكّاكي أن يقال : والأظفار المضافة إليها قرينتها ، لأنّها عنده استعملت في صورة وهميّة كما مرّ.
(٣) أي فكانت الاستعارة تبعيّة ، لأنّ التّشبيه في الأصل بين المصدرين أعني الدّلالة والنّطق.
(٤) أي جعل القول «الحال حقيقة» أي مستعملة في معناها الموضوع له ، لا استعارة ولا مجازا ، ولكنّ الحال قرينة لاستعارة النّطق للدّلالة ، لأنّ الدّلالة المرادة بالنّطق تقبل أن تكون الحال بمعناها الحقيقي فاعلا لها ، هذا عند القوم.
وأمّا عند السّكّاكي فهو يجعل الحال استعارة بالكناية عن المتكلّم الّذي له لسان ينطق به ، ويجعل نسبة النّطق إلى الحال قرينة الاستعارة بالكناية الحاصلة في لفظ الحال ، وذلك بأنّ يتوهّم للحال صورة شبيهة بصورة النّطق باللسّان.
(٥) إنّ القوم يجعلون «نقريهم» استعارة بالكناية عن (نطعنهم) و «يجعلون اللهذميّات» قرينتها ، ثمّ الاستعارة تبعيّة لأنّ التّشبيه في الأصل بين المصدرين أعني الطّعن بالأسنّة والقرى هذا عند القوم ، وأمّا عند السّكّاكي فهو يجعل اللهذميّات استعارة بالكناية عن المطعومات الشّهيّة على سبيل التّهكّم إلى السّخريّة والاستهزاء.
(٦) أي القرى بالقاف المكسورة والقصر بمعنى الضّيافة.
(٧) أي الخلاف بين القوم والسّكّاكي على هذا القياس في سائر الأمثلة الّتي جعل القوم الاستعارة فيها تبعيّة ، فإنّ السّكّاكي يردّ الاستعارة التبعيّة فيها إلى استعارة بالكناية.