والهزم في : هزم الأمير الجند (١) ، إلّا أنّ هذا (٢) لا يدفع الاعتراض عن السّكّاكي ، لأنّه قد صرّح في المجاز العقلي بأنّ نطقت في : نطقت الحال بكذا ، أمر وهميّ (٣) جعل قرينة للمكنّى عنها ، وأيضا (٤) فلمّا جوّز وجود المكنّى عنها بدون التّخييليّة ، كما في : أنبت الرّبيع البقل ، ووجود التّخييليّة بدونها كما في : أظفار المنيّة الشّبيهة بالسّبع ، فلا جهة لقوله : إنّ المكنّى عنها لا تنفكّ عن التّخييليّة [وإلّا] أي وإن لم يقدّر التبعيّة
________________________________________________________
تكون أمرا محقّقا أي فلا تكون تخييليّة ، إذ لا تخييل في الأمر المحقّق عنده ، فقد أثبت المكنّى عنها بلا تخييل وقوله : «كالإنبات في أنبت الرّبيع البقل» ، فقد شبّه فيه الرّبيع بالفاعل الحقيقي تشبيها مضمرا في النّفس ، وقرينتها الإنبات والإنبات لم يكن عند السّكّاكي مجازا ، بل كان إثبات شيء لشيء كالتّرشيح.
(١) أي فتشبيه الأمير بالجيش استعارة بالكناية ، وإثبات الهزم الّذي هو من توابع الجيش له قرينتها.
(٢) أي ما صرّح به في المفتاح من إبطال قول المصنّف باستلزام المكنّى عنها للتّخييليّة ، وإن كان صالحا لدفع الاعتراض عليه بأنّ عدم الاستلزام باطل بالاتّفاق ، لكنّه ليس بصالح لدفع الاعتراض الآتي على السّكّاكي ، وهو لزوم القول بالتبعيّة.
(٣) أي فيكون (نطقت) مستعملا في غير ما وضع له ، لأنّ ذلك الأمر الوهميّ غير الموضوع له فيكون مجازا ، ولا شكّ أنّ علاقته المشابهة للنّطق فيكون استعارة ، ولا شكّ أنّه فعل ، والاستعارة في الفعل لا تكون إلّا تبعيّة ، فقد اضطرّ السّكّاكي إلى اعتبار الاستعارة التبعيّة ، فقد لزم القول بالتبعيّة.
(٤) أي هذا اعتراض آخر على السّكّاكي لازم له من كلامه أهمله المصنّف.
وحاصله :
إنّ السّكّاكي صرّح في هذا الباب بعدم انفكاك المكنّى عنها عن التّخييليّة ، وصرّح فيه أيضا بعدم استلزام التّخييليّة للمكنّى عنها كما في : أظفار المنيّة الشّبيهة بالسّبع ، وصرّح في المجاز العقلي بجواز وجود المكنيّة بدون التّخييليّة ، كما في : أنبت الرّبيع البقل ، فلمّا جوّز وجود كلّ منهما بدون الأخرى ، فلا وجه لقوله : إنّ المكنّى عنها لا تنفكّ عن التّخييليّة ، لأنّها قد أنفكت عنده في أنبت الرّبيع البقل وهزم الأمير الجند.