ويفهم من الاستعارة أنّ ـ الوصف (١) في المشبّه بالغ حدّ الكمال (٢) كما في المشبّه به ، وليس (٣) بقاصر فيه كما يفهم (٤) من التّشبيه ، والمعنى لا يتغيّر حاله (٥) في نفسه ، بأن يعبّر عنه بعبارة أبلغ وهذا (٦) مراد الشّيخ عبد القاهر بقوله : ليست مزيّة (٧) قولنا : رأيت أسدا ، على قولنا : رأيت رجلا هو والأسد سواء في الشّجاعة. إنّ الأوّل (٨) أفاد زيادة في مساواته (٩) للأسد في الشّجاعة لم يفدها الثّاني ، بل الفضيلة هي أنّ الأوّل أفاد تأكيدا لإثبات تلك المساواة له لم يفده الثّاني ، والله أعلم كمل القسم الثّاني. والحمد لله على جزيل نواله والصّلاة والسّلام ـ على سيدنا محمد وآله.
________________________________________________________
(١) أي المراد من الوصف هو وجه الشبّه.
(٢) أي مرتبة الكمال.
(٣) أي ليس الوصف بقاصر في المشبّه.
(٤) أي قوله : «كما يفهم» تمثيل للمنفيّ دون النّفي ، أي كما يفهم أنّ الوصف قاصر في المشبّه من التّشبيه.
(٥) أي لا يتغيّر حال المعنى في نفسه عند التّعبير عنه بعبارة أبلغ كالمجاز مثلا.
(٦) أي ما ذكرنا من أنّ معنى كون المجاز والكناية أبلغ إفادتهما زيادة التّأكيد لإثبات المعنى لا حصول زيادة في المعنى هو مراد الشّيخ عبد القاهر بقوله : ليست مزيّة قولنا : رأيت أسدا ، على قولنا : رأيت رجلا هو والأسد سواء في الشّجاعة.
(٧) أي فضيلة.
(٨) أي المراد بالأوّل رأيت أسدا ، وبالثّاني رأيت رجلا ، ثمّ قوله : «إنّ الأوّل» خبر ليس في قوله : «ليست مزيّة»
(٩) أي في بمعنى على ، أي ليست فضيلة التّركيب الأوّل المشتمل على الاستعارة على التّركيب الثّاني المحتوي على التّشبيه ، أنّ الأوّل أفاد زيادة على مساواة الرّجل للأسد في الشّجاعة لم يفدها الثّاني ، بل كلّ من التّركيبين إنّما أفاد مساواة الرّجل للأسد في الشّجاعة ولم يفد أحدهما زيادة على المساواة المذكورة.